तेहरान की कैदी
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
शैलियों
تناولت مقصا من مكتبها، وهرعنا إلى المكان الذي تركت فيه شيدا، فوجدناها ما زالت تحمل الفتاة التي اتضح أنها سارة. لقد شنقت نفسها بحبل قصير مصنوع من أغطية الرأس. كان الحبل معقودا فوق القضيب الأفقي العلوي لإحدى نوافذ الطابق الأول. ولو كانت سارة - القصيرة ضئيلة الجسم - أطول قليلا، لما استطاعت فعل ذلك. كان جسدها يرتجف، فقطعت الأخت مريم الحبل. كانت تتنفس، لكن وجهها تحول إلى اللون الأزرق. بقينا معها وذهبت الأخت مريم كي تحضر الممرضة. كانت فاقدة الوعي، فأخذنا نتحدث إليها ونلمس وجهها، ولكنها لم تبد أي رد فعل.
وهكذا أخذت سارة بعيدا مرة أخرى. •••
كنت أفقد بعض الأمل مع كل لحظة تمر. كنا في فصل الربيع، والنسيم العليل ينشر عبير الأزهار، والحياة مستمرة خارج أسوار «إيفين». هل لم أعد سوى ذكرى لأندريه؟ ربما نسيني. وضعوا لنا هواتف في منطقة الزيارة، وسألت والدي عنه، فأخبرتني أمي بأنه يزورهما دائما ويفكر في طوال الوقت، ولكن ربما يقولان ذلك كي لا أشعر بالحزن.
بدا كل يوم كسابقه، مما جعل الوحدة والإحباط اللذين نشعر بهما أشق من أن يحتملا؛ فكل يوم يبدأ بصلاة الفجر قبل شروق الشمس، والإفطار يبدأ في الثامنة صباحا، ثم نشاهد البرامج الدينية التعليمية في التلفاز، ويسمح لنا بقراءة الكتب التي تتحدث كلها عن الإسلام، أو السير جيئة وذهابا عبر الممرات الضيقة. لم نكن نتحدث في السياسة أو أنشطتنا السياسية قبل «إيفين» إلا لماما، فقد كانت بعض الفتيات يقمن بدور المخبرات مع أن عددهن لم يكن كبيرا؛ واحدة أو اثنتان فحسب في كل غرفة، وهكذا لم نكن نخاطر بقول أي شيء لا نرغب في أن يعرفه من يتولون التحقيق معنا.
ولمدة ساعة يوميا يسمح لنا بالخروج في الساحة الصغيرة المحيطة بالمبنى. كان يتعين علينا ارتداء الحجاب عند الخروج، لأن الحرس من الرجال منتشرون فوق الأسطح طوال الوقت يراقبوننا، ولكن لم يكن علينا ارتداء الشادور في الساحة، بل مسموح لنا بارتداء العباءات وأغطية الرأس. وأثناء وجودنا بالخارج لا يسمح لنا إلا بالسير في دوائر أو الجلوس بجوار الحوائط ومشاهدة السماء فوقنا. كانت تلك الرقعة الزرقاء الصغيرة هي الجزء الوحيد الذي يمكننا رؤيته من العالم الخارجي، وكانت تذكرنا بالمكان الآخر الذي عشنا فيه ذات يوم حيث بيوتنا والأماكن التي كنا ننتمي إليها. كنت غالبا أجلس مع ترانه بجوار الحائط متكئتين على سطحه الخشن نراقب السحب وهي تختفي عن ناظرينا وتذهب إلى أرض أخرى، كنا نتخيل أننا نجلس فوق سحابة نستطيع توجيهها في أي اتجاه، وتخبر إحدانا الأخرى عن الأماكن المألوفة التي يمكن رؤيتها من هناك؛ شوارع الأحياء التي كنا نسكن فيها، ومدارسنا، ومنازلنا حيث تنظر أمي وأمها من النوافذ تتساءل كل واحدة عن مصير ابنتها التي أخذت بعيدا عنها.
ذات يوم وبينما يغمرنا دفء شمس الربيع وتراودنا أحلام اليقظة عن البيت، سألتني ترانه: «كيف تورطت وانتهى بك الأمر هنا؟» لم نتحدث قط عن الأحداث التي أدت إلى إلقاء القبض علينا. كانت الساحة مليئة بالفتيات اللواتي يسير معظمهن بسرعة كأنهن يقصدن وجهة معينة، والمعاطف السوداء والزرقاء والبنية والرمادية يحتك بعضها ببعض، والخفاف البلاستيكية تتحرك بسرعة على الأرض المرصوفة. أدركت أن المشهد الذي أراه وأنا جالسة هناك مشابه للمشهد الذي يراه أحد المتسولين الجالسين في شارع مزدحم، ولكن المشهد الذي أراه أكثر محدودية وتواضعا عما يراه المتسول. في تلك اللحظة لم يكن عالمي إلا مبنى مربعا بلا سقف، به مستويان من النوافذ المدعومة بالقضبان الحديدية التي تطل على غرف مظلمة؛ عالم من الفتيات يسرن في دوائر. كان أشبه بقصة خيال علمي غريبة للغاية. قلت وأنا أضحك: «كوكب السجينات.»
سألت ترانه: «ماذا؟» - «يبدو لي الأمر وكأننا متسولات نجلس على الرصيف في كوكب آخر.»
ابتسمت ترانه، وقالت: «المتسول ملك إذا ما قورن بنا.» - «بدأت مشاكلي في اليوم الذي انسحبت فيه من درس التفاضل ...»
الفصل الحادي عشر
في مطلع عام 1980 أصبح أبو الحسن بني صدر أول رئيس منتخب للجمهورية في إيران. وقد شارك قبل نجاح الثورة في تحركات مناهضة للشاه عدة سنوات وسجن مرتين، ثم تمكن من الفرار إلى فرنسا والانضمام لآية الله الخميني. كانت الآمال تراودنا في أن يقود ذلك الرجل إيران نحو الديمقراطية، لكن أثناء العام الدراسي 1979 / 1980 شعرت كأني أغرق في الظلام، فكل شيء أخذ يتغير للأسوأ تدريجيا، وحلت الفتيات المتعصبات قليلات الخبرة محل معظم معلماتنا واحدة تلو الأخرى، وأصبح ارتداء الحجاب إجباريا، وأصبح حتميا على النساء إما ارتداء أثواب طويلة داكنة اللون وتغطية رءوسهن بأوشحة كبيرة أو ارتداء الشادور، وحظرت الجماعات السياسية التي تعارض الحكومة الإسلامية أو حتى تنتقدها، وأعلن أن ارتداء ربطات العنق واستخدام العطور ومساحيق التجميل وطلاء الأظافر «رجس من عمل الشيطان»، ومن ثم تعرض صاحبها للعقاب الشديد. وقبل دخول الفصول كل يوم يجبر الطلبة على الانتظام في صفوف والهتاف بشعارات مفعمة بالكراهية؛ مثل «الموت لأمريكا» و«الموت لإسرائيل».
अज्ञात पृष्ठ