तेहरान की कैदी
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
शैलियों
وعلى بعد بضعة قبور إلى يميننا أخذت امرأة عجوز ضئيلة الحجم محدودبة الظهر تنظف شاهد قبر رخامي بإسفنجة صفراء اللون يقطر منها الماء والصابون، ثم صبت عليه الماء النظيف من زجاجة وجففته بقطعة قماش بيضاء اللون، وبعد أن أصبح شاهد القبر نظيفا انتقلت إلى القبر التالي وكررت نفس الشيء. جلس رجل مسن نحيف يرتدي قميصا أبيض وسروالا أسود من القماش في الجزء المتسخ بين القبرين وأخذ يردد شيئا ما وهو يحرك مسبحة في يده ويراقب السيدة.
لن يغسل أحد قبر ترانه أو سيرس أو جيتا أو يبني لهم أضرحة في مقبرة يتمكن فيها أصدقاؤهم وعائلاتهم وحتى الأغراب من زيارتهم والدعاء لهم، لكنني أتذكرهم، ولأنني بقيت على قيد الحياة فعلي أن أعثر على طريقة أحيي بها ذكراهم؛ فحياتي تخصهم أكثر مما تخصني.
وقفت وفتحت النافذة الزجاجية لنصب علي التذكاري، وأخرجت مسبحتي من جيبي وتركتها له هناك. نظرت أكرام إلى المسبحة، وسألت: «ما هذا؟» - «مسبحتي.» - «كم هي جميلة! لم أر مثلها قط.» - «أدعو بها العذراء.»
وبينما نتوجه إلى السيارة، نظرت إلى شواهد القبور التي نظفتها المرأة بعناية شديدة، فوجدتها قد رحلت هي والرجل المسن. كان أحد القبور يخص رضا أحمدي والآخر لحسن أحمدي، وقد ولدا وتوفيا في نفس اليوم؛ كانا توأما قتلا في الجبهة معا.
أدركت كم اعتدت على الموت، ووجدته يصيب صغار السن أكثر مما يصيب كبار السن في نطاق من أعرفهم.
وبعد أن أعدنا أكرام إلى منزلها أعادني السيد موسوي إلى «إيفين»، وأخبرني أنه سيبذل أقصى ما بوسعه كي يعيدني إلى منزلي في أقرب وقت ممكن. •••
وفي أواخر أكتوبر أرسلت شيدا ابنها كاوه خلال إحدى الزيارات إلى والديها. كان قد بلغ من العمر عاما ونصفا، وصار طفلا لطيفا مليئا بالحيوية أدخل البهجة إلى حياتنا. لم يكن يستطيع نطق اسمي بطريقة صحيحة، فكان يطلق علي الخالة مانا. عندما عادت شيدا من الزيارة بدونه بدت كأن روحها انتزعت منها، فجلست في أحد الأركان وظلت تهتز للأمام وللخلف عدة ساعات حتى استغرقت في النوم.
بعد بضعة أيام أعطيت كل متعلقات ترانه التي طلبت مني توصيلها لوالديها إلى صديقة أوشكت مدة عقوبتها التي تبلغ عاما ونصفا على الانتهاء، لأني فقدت الأمل في العودة إلى المنزل.
وفي ليلة عيد الميلاد من عام 1983 تساقطت الثلوج، وفي الصباح الباكر أخذت أشاهد الكتل الثلجية الخفيفة عبر النافذة ذات القضبان وهي تتراقص جيئة وذهابا بفعل الرياح. سرعان ما تجمدت الثياب المعلقة على حبال الغسيل، وعندما جاء وقت الخروج للساحة دخلت معظم الفتيات بعد جمع الملابس المغسولة في الحال، لأن البرد كان قارسا، ولم تكن الخفاف المطاطية التي نرتديها توفر لنا الحماية من الطقس القارس. تطوعت بإحضار ملابس بهار وسارة. كان الجو أشد برودة مما تخيلت، لكنني أحببت ملمس الكتل الثلجية على وجهي. لا يوجد أحد بالخارج؛ خلعت جوربي وخفي ووقفت ساكنة، احتوتني ثلوج الشتاء تماما، حيث غطتني وملأت الفراغات الصغيرة بين أصابع قدمي. إنه يوم عيد الميلاد؛ يوم ميلاد المسيح؛ يوم للفرحة والاحتفال؛ يوم لترديد الترانيم وإقامة الولائم الضخمة واستقبال الهدايا. كيف يواصل العالم حياته وكأن شيئا لم يحدث؟ وكأن كل هؤلاء الأشخاص الذين فقدوا حياتهم لم يولدوا قط؟!
وبعد فترة بدأت قدماي تؤلمانني، ثم سرى الخدر فيهما. رأيت نفسي ليلة الإعدام عندما كنت مقيدة إلى عمود في انتظار الموت. لقد أخذني «إيفين» بعيدا عن منزلي، وانتزعني من هويتي، وأدخلني في عالم خارج نطاق الخوف شعرت فيه بآلام لا يطيقها بشر. عانيت الخسارة والحرمان من قبل، وعرفت الحزن، لكن الحزن هنا صار كيانا جامحا لانهائيا من الظلام، يبقي ضحاياه في حالة اختناق دائمة. كيف يفترض بالمرء أن يعيش حياته بعد أن يخرج من هنا؟
अज्ञात पृष्ठ