साहिबी
الصاحبي في فقه اللغة
प्रकाशक
محمد علي بيضون
संस्करण संख्या
الطبعة الأولى ١٤١٨هـ
प्रकाशन वर्ष
١٩٩٧م
قرأ القارئ ﴿ألم، ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ ١ فقد مّيزها عن الَّتِي أولها ﴿ألم، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ ٢.
وقال آخرون: لكل كتاب سرٌّ وسرّ القرآن فواتح السور. وأظنّ قائل هذا أراد أن ذَلِكَ من السرّ لا يعلمه إلا الخاص من أهل العلم والراسخون فِيهِ.
وقال قوم: إن العرب كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فِيهِ وقال بعضهم لبعض ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ﴾ ٣ فأنزل الله ﵎ هَذَا النظم ليتعجبوا منه، ويكون تعجبهم منه سببًا لاستماعهم، وأسماعهم لَهُ سببًا لاستماع مَا بعده، فترق حينئذ القلوب وتلين الأفئدة.
وقول آخر: إن هَذِهِ الحروف ذكرت لتدل عَلَى أن القرآن مؤلف من الحروف الَّتِي هي أب ت ث فجاء بعضها مقطعًا وجاء تمامها مؤلفا ليدل القوم الذين نزل القرآن فيما بَيْنَ ظهريهم أنه بالحروف الَّتِي يعقلونها فيكون ذَلِكَ تقريعًا لهم ودلالة عَلَى عجزهم عن أن يأتوا بمثله بعد أن أعلموا أنه منزل بالحروف الَّتِي يعرفونها ويبنون كلامها منها.
قال أحمد بن فارس: وأقرب القول فِي ذَلِكَ وأجمعه قول بعض علمائنا: إن أولى الأمور أن تُجعل هَذِهِ التأويلات كلّها تأويلًا فيقال: إن الله جلّ وعزّ افتتح السور بهذه الحروف إرادةً منه الدلالة بكل حرف منها عَلَى معان كثيرة لا عَلَى معنىً واحد. فتكون الحروف جامعة لأن تكون افتتاحا للسور، وأن يكون كلُّ واحد منها مأخوذًا من اسم من أسماء الله جلّ ثناؤه، وأن يكون الله جل ثناؤه قَدْ وضعها هَذَا الموضع قَسَمًا بها، وأن كل حرف منها فِي آجال قوم وأرزاق آخرين، وهي مع ذَلِكَ مأخوذة من صفات الله جلّ وعزّ فِي أنعامه وأفضاله ومجده، وأن الافتتاح بِهَا سبب لأن يستمع إلى القرآن من لَمْ يكن يستمع، وأن فِيهَا أعلامًا للعرب أن القرآن الدال عَلَى صحة نبوّة محمد ﷺ هو بهذه الحروف، وأن عجزهم عن الإتيان بمثله مع نزوله بالحروف المتعالمة بينهم دليل عَلَى كذبهم وعنادهم وجحودهم، وأن كلّ عدد منها إذا وقع فِي أول سورة فهو اسم لتلك السورة.
_________
١ سورة البقرة، الآية: ١.
٢ سورة آل عمرن، الآية: ٢.
٣ سورة فصلت، الآية: ٢٦.
1 / 85