41

सफवत तफासीर

صفوة التفاسير

प्रकाशक

دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

प्रकाशक स्थान

القاهرة

शैलियों

لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المآء﴾ أي من الحجارة ما يتصدع إِشفاقًا من عظمة الله فينبع منه الماء ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله﴾ أي ومنها ما يتفتت ويتردّى من رءوس الجبال من خشية الله، فالحجارة تلين وتخشع وقلوبكم يا معشر اليهود لا تتأثر ولا تلين ﴿وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ أي أنه تعالى رقيب على أعمالهم لا تخفى عليه خافية، وسيجازيهم عليها يوم القيامة، وفي هذا وعيد تهديد. البَلاَغَة: أولًا: قوله تعالى ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ﴾ من إِيجاز القرآن أن حذف من صدر هذه الجملة جملتين مفهومتين من نظم الكلام والتقدير: فطلبوا البقرة الجامعة للأوصاف السابقة وحصلوها، فلما اهتدوا إِليها ذبحوها وهذا من الإِيجاز بالحذف. ثانيًا: قوله تعالى ﴿والله مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ هذه الجملة اعتراضية بين قوله ﴿فادارأتم﴾ وقوله ﴿فَقُلْنَا اضربوه﴾ والجملة المعترضة بين ما شأنهما الاتصال تجيء تحلية يزداد بها الكلام البليغ حسنًا، وفائدة الاعتراض هنا إِشعار المخاطبين بأن الحقيقة ستنجلي لا محالة. ثالثًا: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ وصف القلوب بالصلابة والغلظ يراد منه نبُوُّها عن الاعتبار، وعدم تأثرها بالمواعظ ففيه استعارة تصريحية قال أبو السعود: القسوة عبارة عن الغلظ والجفاء والصلابة كما في الحجر استعيرت لِنُبُوِّ قلوبهم عن التأثر بالعظات والقوارع يالتي تميع منها الجبال وتلين بها الصخور. رابعًا: ﴿فَهِيَ كالحجارة﴾ فيه تشبيه يسمى (مرسلًا مجملًا) لأن أداة الشبه المذكورة ووجه الشبه محذوف. خامسًا: ﴿لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنهار﴾ أي ماء الأنهار، والعرب يطلقون اسم المحل كالنهر على الحال فيه كالماء والقرينة ظاهرة لأن التفجر إِنما يكون للماء ويسمى هذا مجازًا مرسلًا. الفوَائِد: الفائدة الأولى: نبه قوله تعالى ﴿قَالَ أَعُوذُ بالله أَنْ أَكُونَ مِنَ الجاهلين﴾ على أن الاستهزاء بأمرٍ من أمورالدين جهل كبير، وقد منع المحققون من أهل العلم استعمال الآيات كأمثال يضربونها في مقام المزح والهزل، وقالوا إِنما أنزل القرآن للتدبر والخشوع لا للتسلي والتفكه والمزاح. الثانية: الخطاب في قوله ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا﴾ لليهود المعاصرين للنبي ﷺ َ وقد جرى على الأسلوب المعروف في مخاطبة الأقوام، إِذ ينسب إِلى الخلف ما فعل السلف إِذا كانوا سائرين على نهجهم، راضين بفعلهم، وفيه توبيخ وتقريع للغابرين والحاضرين. الثالثة: هذه الواقعة واقعة (قتل النفس) جرت قبل أمرهم بذبح البقرة، وإن وردت في الذكر بعده، والسرُّ في ذلك التشويق إِلى معرفة السبب في ذبح البقرة، والتكرير في التقريع والتوبيخ قال العلامة ابن السعود، وإِنما غُيِّر الترتيب لتكرير التوبيخ وتثنية التقريع، فإن كل واحدٍ من قتل النفس

1 / 60