179

सफवत तफासीर

صفوة التفاسير

प्रकाशक

دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

प्रकाशक स्थान

القاهرة

शैलियों

نفسه وهو لحم الإِبل ولبنها ثم حرمت عليهم أنواع من الأطعمة كالشحوم وغيرها عقوبةً لهم على معاصيهم ﴿مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التوراة﴾ أي كانت حلالًا لهم قبل نزول التوراة ﴿قُلْ فَأْتُواْ بالتوراة فاتلوها إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ أي قل لهم يا محمد ائتوني بالتوراة واقرءوها عليَّ إن كنتم صادقين في دعواكم أنها لم تحرم عليكم بسبب بغيكم وظلمكم قال الزمخشري: وغرضهم تكذيب شهادة الله عليهم بالبغي والظلم والصدّ عن سبيل الله فلما حاجّهم بكتابهم وبكّتهم بهتوا وانقلبوا صاغرين ولم يجسر أحد منهنم على إخراج التوراة، وفي ذلك الحجة البينة على صدق النبي ﷺ َ ﴿فَمَنِ افترى عَلَى الله الكذب مِن بَعْدِ ذَلِكَ﴾ أي اختلق الكذب من بعد قيام الحجة ظهور البينة ﴿فأولئك هُمُ الظالمون﴾ أي المعتدون المكابرون بالباطل ﴿قُلْ صَدَقَ الله﴾ أي صدق الله في كل ما أوحى إلى محمد وفي كل ما أخبر ﴿فاتبعوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ أي اتركوا اليهودية واتبعوا ملة الإِسلام التي هي ملة إبراهيم ﴿حَنِيفًا﴾ أي مائلًا عن الأديان الزائفة كلها ﴿وَمَا كَانَ مِنَ المشركين﴾ برأه مما نسبه اليهود والنصارى إليه من اليهودية والنصرانية، وفيه تعريض بإشراكهم ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ﴾ أي أول مسجد بني في الأرض لعبادة الله المسجد الحرام الذي هو بمكة ﴿مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾ أي وضع مباركًا كثيرًا الخير والنفع لمن حجه واعتمره، ومصدر الهداية والنور لأهل الأرض لأنه قبلتهم، ثم عدد تعالى من مزاياه ما يستحق تفضيله على جميع المساجد فقال ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ أي فيه علامات واضحات كثيرة تدل على شرفه وفضله على سائر المساجد منها ﴿مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ وهو الذي قام عليه حين رفع القواعد من البيت، وفيه زمزم والحطيم، وفيه الصفا والمروة والحجر الأسود، أفلا يكفي برهانًا على شرف هذا البيت وأحقيته أن يكون قبلة للمسليمين؟ ﴿وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ وهذه آية أخرى وهي أمن من دخل الحرَم بدعوة الخليل إبراهيم ﴿وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ ﴿وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ أي فرضٌ لازم على المستطيع حج بيت الله العتيق ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين﴾ أي من ترك الحج فإن الله مستغنٍ عن عبادته وعن الخلق أجمعين، وعبّر عنه بالكفر تغليظًا عليه قال ابن عباس: من جحد فريضة الحج فقد كفر والله غني عنه، ثم أخذ يبكّت أهل الكتاب على كفرهم فقال ﴿قُلْ ياأهل الكتاب لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله﴾ أي لم تجحدون بالقرآن المنزل على محمد مع قيام الدلائل والبراهين على صدقه ﴿والله شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ﴾ أي مطلع على جميع أعمالكم فيجازيكم عليها ﴿قُلْ ياأهل الكتاب لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله مَنْ آمَنَ﴾ أي لم تصرفون الناس عن دين الله الحق، وتمنعون من أراد الإِيمان به؟ ﴿تَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ أي تطلبون أن تكون الطريق المستقيمة معوجّة، وذلك بتغيير صفة الرسول، والتلبيس على الناس بإيهامهم أن في الإسلام خللًا وعوجًا ﴿وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ﴾ أي عالمون بأن الإِسلام هو الحق والدين المستقيم ﴿وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ تهديد ووعيد، وقد جمع اليهود والنصارى الوصفين: الضلال والإضلال كما أشارت الآيتان الكريمتان فقد كفروا بالإسلام ثم صدّوا الناس عن الدخول فيه بإلقاء الشبه والشكوك في قلوب الضعفة من الناس ﴿ياأيها الذين آمنوا إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الذين أُوتُواْ

1 / 199