सफवत अल-अस्र

ज़ाकी फहमी d. 1350 AH
170

सफवत अल-अस्र

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

शैलियों

وثارت الحماسة في صدور ضباط وعساكر الأستانة، عندما رأوا هذه الشجاعة النادرة فاندفعوا بالهجوم على باب القلعة، وكان راشد بك المومأ إليه يصعد الجند، ويملأ بهم الغرف في الطابق الأعلى، والأشقياء ينسحبون من نواحي القلعة الخالية من الجنود، ودخل إسماعيل كامل بك مع جنوده من الثغرة التي أحدثتها المدافع، فاحتل الطابق الأسفل ثم الأطراف العليا من الجهة البحرية، وكان الأشقياء في الطابق السفلي متحصنين في عضادة ضخمة غاية في المتانة، يمطرون جندنا المهاجم في داخل القلعة وخارجها وابلا من الرصاص، وفي غضون ذلك أوقدت النار في مستودع ذخيرة الأشقياء في الشرق الشمالي من القلعة، فنسفت تلك الناحية وصعد دخان كثيف ملأ المكان، وتراجع الجند الشاهاني والباشبوزوق إلى مركز الحائط المتهدم، وما إن تبدد الدخان ونفخ نفير الهجوم حتى عادوا للقتال.

أما عساكرنا التي ضبطت المحال الآنف ذكرها، فبينما هي تصلي الأشقياء نارا حامية أشعل الأشقياء في الجانب البحري المتوسط لغما جسيما، فارتد عسكرنا مع الجند الشاهاني إلى الداخل وعلاهم دخان كثيف ظلوا في وسطه، وعندما شاهدنا ذلك أرسلنا محمود سامي بك البارودي، وقد كان معنا ياور حرب على جناح السرعة، فاجتاز عدوا الوادي الفاصل وصاح بالجنود والضباط يشجعهم على القتال، وينفخ فيهم روح الحمية والإقدام، وعاد بالعساكر والأرناءوط والباشبوزوق إلى ميدان القتال، فتم ضبط الضلعين الباقيين والاستيلاء عليهما، ولم يبق سوى الجهتين الشرقية والقبلية، وكان وراء محمود سامي بك أربعة بلوكات من العساكر الموجودة بمعيتنا، فأرسلها مددا إلى جندنا الذي يقاتل هنالك فانضمت إليهم في الهجوم، وفي تلك الأثناء ذهب أيضا حضرة مصطفى نائلي باشا إلى جهة الجنود الشاهانية، فاقترب من مرمى الرصاص في الجهة الشرقية؛ ليشرف عن كثب على الواقعة ، ودنت العساكر الشاهانية في الشرف مع مدفعها ففتحت الطريق بإطلاق بعض القنابل، ودخلت الجهة الشرقية التي أصبح استيلاؤنا عليها تماما، أما البقية الباقية من الأشقياء فقد حصرت في الضلع القبلي الذي كان لم يضبط بعد، وعندها اندفع ثلاثون شخصا من الأشقياء نحو الثغرة، التي أحدثتها المدافع في الجدار، وعلى النافذة ابتغاء النجاة من المضيق، والدخان المحيط بهم فتناولهم أسياف الجنود، وحدث انفجار آخر في مستودع الذخيرة، فلم يصب به سوى الأشقياء، ودامت المعركة إلى الصباح ثم جاء محمود سامي بك بنبأ مؤداه أن جميع الأشقياء دفنوا تحت الأنقاض وانتهى أمرهم، وبعد ذلك أطلقت النار في جميع أنحاء الكنيسة واستحكاماتها، وشدد الحصار على الضلع القبلي وكان في داخله ثمانية وتسعون نسمة من أطفال وعائلات الأشقياء وثمانية وأربعون راهبا مع عدد من رجال الحرب، فنادوا الأمان مسلمين وأخرجوا جميعا من دون أن يلحقهم أذى، وفي تلك البرهة دخل الأرناءوط والبشبوزوق إلى داخل الكنيسة واستحكاماتها، وفتشوا غرفها العديدة وفحصوها فوجدوا مقادير وافرة من الأمتعة والذخائر والمهمات، فحملت هذه الغنائم وبدئ بإرسالها إلى رسمو بالتتابع من دون أن يترك شيء، وهكذا ختمت هذه الحادثة على الوجه المحرر أعلاه، واستبعد عسكرنا من ذلك المكان، وجيء به إلى مكاننا للمبيت فيه ودفنا شهداءنا الذين ذكروا، وترك للأطباء أمر مداواة الجرحى والعناية بهم، ووضعوا في داخل كوخ للرعاة لوقايتهم من المطر والبرد.

في أثناء حصار الكنيسة وصل عدد من الأشقياء لإمداد رفقائهم، فأشرفوا من رابية على جميع الأعمال العسكرية، ولم يجسروا على الدنو من هذه المعركة الجسيمة الهائلة، بل اكتفوا بإظهار أسفهم وتألمهم من بعيد، وفروا بعد ذلك مخذولين.

في 14 رجب سنة 83

أركب المجروحون في الصباح على بغال، وأرسلوا مع بلوكين للمحافظة عليهم إلى مستشفى رسمو.

ذهب الياوران الموجودان بمعيتي إلى الدير للكشف عليه ومعاينته، ووضع مصور هندسي وقد أخذ يتصمم الرصاص بسبب ما نحن فيه، وقد اتضح أن الدير واستحكاماته متينة ومحكمة كل الإحكام، وأن داخله متسع وفيه غرف متعددة في الطابق السفلي والعلوي وكلها ذات كوى، وفيه فرن ومطحنة وصهريج وآبار ومخازن وحظائر للماشية، وهو عبارة عن قلعة عادية، وظهر أيضا من هذه المعاينة أن أرض الكنيسة الداخلية وغرف الاستحكامات القائمة في أطرافها مغطاة بجثث الأشقياء، أما البقية الباقية من الأطفال والنساء، فقد استسلمت وأسرت، وكذلك شوهدت جثث كثيرة من جثثهم تحت الحجارة والأنقاض، وسألنا الأسرى الذين سبق ذكرهم عن مجموع عدد هؤلاء، فقالوا: إنه كان في داخل الاستحكامات نحو 450-500 شخصا من المحاربين ما عدا النساء والأطفال، ويزيدون عن المئتين، وقد تحقق أنه لم ينجو من هؤلاء سوى من سقط في الأسر، وبين الذين هلكوا في داخل الكنيسة الراهب الأكبر فوميتوس وطاقم البترولي والقبودانية، ونحو 40-50 شخصا جاءوا منذ شهر من المورة، وقد عادت عساكرنا والعساكر الشاهانية إلى القرى التي سبق ذكرها، وهي ميس وموطرا وبباتام ووزعت على القرى.

وجاء بعض أهالي ناحية تامو التي تتألف من 32 قرية طالبين الأمان وقابلين بمطالب الدولة العلية، ولما التمسوا ذلك من مصطفى نائلي باشا أجابهم بأنهم ليسوا من الذين يوثق بهم ويعتمد عليهم، ثم منحهم مهلة ثلاثة أيام لإحضار معتمد موثوق به من كل قرية يحضر مع الراهب، بشرط أن يكون مع ذلك تسليم السلاح، وإذا لم يحضروا في خلال هذه المدة يزحف الجيش عليهم، ويضربهم ونحن الآن في حالة الانتظار.

وليحيط علم الجناب العالي الخديوي بهذه الأسباب، أرسلنا هذا وفي كل الأمر لوليه.

18 رجب سنة 83

بنده

अज्ञात पृष्ठ