كان جارفيس بولتر أحد الغرباء الذين وصلوا إلى محطة السكك الحديدية قبل سنوات قليلة، وهو يعيش حاليا في المنزل المجاور لألميدا روث، لا يفصله عنها سوى أرض خالية اشتراها، في شارع دوفرين. المنزل أكثر بساطة من منزل روث، ولا يحتوي على أشجار فاكهة أو زهور مزروعة حوله. من المفهوم أن هذا يمثل نتيجة طبيعية لكون جارفيس بولتر أرملا ويعيش وحده. ربما يحافظ أي رجل على نظافة وترتيب بيته، لكنه أبدا - إذا كان رجلا بحق - لن يسرف في تزيينه. يجبر الزواج الرجل على أن يعيش وسط زينة وفي غمار عاطفة أكبر، ويحميه أيضا من شطحات طبيعته - من التقتير الشديد أو الكسل المترف، من القذارة، ومن النوم أو القراءة، الشرب، التدخين، أو العقلانية المفرطة.
بالنظر إلى المصلحة الاقتصادية، يعتقد أن أحد الرجال المحترمين في مدينتنا يواظب على جلب الماء من الصنبور العام، ويعمل على دعم مخزونه من الوقود من خلال التقاط الفحم المتناثر على خط السكك الحديدية. هل يفكر هذا الرجل في دفع مقابل ما أخذ إلى المدينة أو شركة السكك الحديدية، من خلال توريد الملح بشكل مجاني؟
هذه هي صحيفة «فيديت»، المليئة بالنكات الخبيثة والتعريض والاتهامات الصريحة، التي لا يمكن أن تمر بالنسبة إلى أي جريدة اليوم دون حساب. إنها تتحدث هنا عن جارفيس بولتر، على الرغم من الحديث عنه في احترام بالغ في مقاطع أخرى، باعتباره قاضيا مدنيا، رب عمل، وقسيسا. هو رجل متحفظ، هذا كل ما في الأمر. غريب الأطوار، إلى حد ما. وكل هذا ربما يرجع إلى وحدته، حياة الترمل التي يحياها. حتى ملؤه للماء بنفسه من صنبور المدينة وملؤه لدلو الفحم من خط السكك الحديدية. إنه مواطن كريم، ميسور الحال: رجل طويل - ممتلئ الجسم قليلا؟ - يرتدي حلة سوداء وحذاء لامع عالي الرقبة. هل له لحية؟ ذو شعر أسود به مسحة من الشعر الرمادي. له هيئة صارمة وواثقة، وبثرة كبيرة شاحبة اللون وسط الشعر الكث لأحد حاجبيه؟ يتحدث الناس عن زوجة شابة جميلة حبيبة، ماتت أثناء الوضع أو بسبب حادث مريع، مثل حريق في المنزل أو حادث قطار مروع. لا يوجد أي أساس لهذه الأقاويل، لكنها تثير الفضول أكثر حوله. كل ما قاله الرجل لهم إن زوجته ماتت.
أتى إلى هذا الجانب من البلاد بحثا عن النفط. كان أول آبار النفط على الإطلاق التي جرى اكتشافها في العالم في مقاطعة لامتون، إلى الجنوب من هنا، في خمسينيات القرن التاسع عشر. بحثا عن النفط، اكتشف جارفيس بولتر الملح. شرع في العمل على اكتشاف الملح لتحقيق أقصى ربح منه. عندما يذهب إلى المنزل عائدا من الكنيسة بصحبة ألميدا روث، يخبرها عن آبار الملح التي يمتلكها. تبلغ ألفا ومائتي قدم عمقا . يجري ضخ المياه الساخنة إليها، وهو ما يسهم في إذابة الملح. ثم يجري ضخ الماء المالح إلى السطح، الذي يجري صبه في أواني تبخير هائلة موضوعة فوق نيران بطيئة ثابتة، بحيث يجري تبخير الماء ويبقى الملح الصافي عالي الجودة. هذه سلعة لن يتوقف الطلب عليها أبدا.
تقول ألميدا: «ملح الأرض!»
يقول، مقطبا: «نعم.» ربما يعتقد أن ذلك ينطوي على إهانة له. لم تكن تقصد ذلك. يتحدث عن المنافسين في المدن الأخرى الذين يسيرون على نهجه ويحاولون الاستيلاء على أكثر من حصتهم في السوق. لحسن الحظ، آبارهم غير محفورة إلى أعماق سحيقة، ولا تجري عمليات التبخير لديهم على نحو فعال. وبينما يوجد ملح في كل مكان تحت هذه الأرض، لا يسهل استخراجه كما يظن البعض.
تقول ألميدا: ألا يعني هذا أنه كان هناك بحر عظيم هنا في وقت سابق؟
يرد جارفيس بولتر: إن هذا جائز جدا، جائز جدا. يستمر في الحديث مخبرا إياها عن مشاريع أخرى له، مصنع طوب، فرن حجر جيري. ويشرح لها طريقة عمل ذلك، ويشير إلى أماكن وجود الطفلة الجيدة. يمتلك أيضا مزرعتين، تزود الأخشاب فيهما العمليات اللازمة لصناعاته بالوقود.
بين الأزواج السائرين على مهل إلى المنزل من الكنيسة صبيحة يوم أحد قريب مشمس، لاحظنا رجلا معروفا يعمل في صناعة الملح وأديبة، ربما ليسا في ريعان شبابهما، لكنهما مع ذلك لا تظهر عليهما علامات الكبر. هل نخمن من هما؟
تظهر أخبار كتلك طوال الوقت في صحيفة «فيديت».
अज्ञात पृष्ठ