بحلول الوقت الذي وصلتا فيه إلى والي، كان اليوم قد بدأ. لا يمكن رؤية أي نجمة في السماء، أو أي إشارة إلى سماء وردية. كانت المدينة - بأبنيتها، وشوارعها، وأنشطتها الروتينية المتداخلة - مشيدة مثل ثكنة عسكرية في مواجهة العالم العاصف أو المتجمد اللتين استيقظتا فيه. بالطبع، كان منزلاهما، أيضا، بمثابة ثكنتين، وهكذا كان المتجر، غير أن كل ذلك كان لا يقارن بالمدينة. كانت بمثابة مربع سكني داخل المدينة، كان الأمر كما لو كان الريف غير موجود. الأكوام الهائلة من الثلوج في الطرقات والرياح الشديدة التي تهب عبر الأشجار وتسقط أوراقها، لم يكن ذلك موجودا. في المدينة، كان على المرء التصرف كما لو كان يعيش في المدينة دوما. كان طلاب المدينة، يملئون الشوارع الآن حول المدرسة الثانوية، يعيشون حياة تتسم بالامتيازات واليسر. كانوا يستيقظون في الساعة الثامنة في منازل ذات غرف النوم المدفأة والحمامات. (لم يكن الأمر هكذا دوما، لكن كانت مارجوت وأنيتا تعتقدان أن الأمر كان كذلك.) لم يكن من المفترض أن يعرفوا اسمك. لكن كان من المفترض أن تعرف أسماءهم، وهكذا كان الأمر.
كانت المدرسة الثانوية مثل حصن، بنوافذها الضيقة وأسوارها المزخرفة من الطوب داكن الحمرة، سلالمها الطويلة وأبوابها المخيفة، والكلمات اللاتينية المنقوشة على الحجر التي كانت تعني «العلم والفضيلة». عندما كانتا تدخلان عبر هذه الأبواب، في حوالي الساعة التاسعة إلا الربع، كانتا قد قطعتا مسافة طويلة من منزليهما، وكان المنزل وجميع مراحل الرحلة التي تقطعانها تبدو غير معقولة. كان تأثير القهوة الذي تناولتاه قد ذهب. غلبهما تثاؤب عصبي، تحت الأضواء الباهرة في قاعة الاجتماع. كان في الانتظار متطلبات اليوم من حصص اللغة اللاتينية، واللغة الإنجليزية، والهندسة، والكيمياء، والتاريخ، واللغة الفرنسية، والجغرافيا، والتربية البدنية. كانت الأجراس تدق في الساعة العاشرة تماما، معلنة عن راحة قصيرة. في الأدوار العليا، وفي الأدوار السفلى، كانتا تشقان طريقهما في توتر، ممسكتين بكتبهما وزجاجات الحبر تحت المصابيح المعلقة وصور العائلة الملكية والمعلمين المتوفين. كان للكسوة الخشبية للجدران، التي يجري تلميعها كل صيف، لمعان ساطع مثلما في نظارة مدير المدرسة. كان الإحساس بالعار وشيكا. كانت معدتاهما تضطربان وتنذران بإصدار أصوات زمجرة مع مرور الصباح. كانتا تخشيان من العرق تحت أذرعهما والدماء في جونلاتهما. كانتا ترتعدان عند حضور صفوف اللغة الإنجليزية أو الهندسة، لا لأنهما كانتا لا تبلوان بلاء حسنا فيها (كانتا في حقيقة الأمر تبلوان بلاء عظيما في كل شيء تقريبا)، بل لخشيتهما من أن يطلب منهما النهوض وقراءة شيء ما؛ تسميع قصيدة أو حل إحدى المسائل على السبورة أمام الصف. «أمام الصف»، كانت هاتان كلمتين مرعبتين بالنسبة إليهما.
ثم، ثلاث مرات أسبوعيا، كانت هناك حصص تربية بدنية؛ مشكلة حقيقية بالنسبة إلى مارجوت، التي لم تستطع الحصول على مال من أبيها لشراء بدلة رياضية. كانت تضطر إلى القول إنها نسيت بدلتها في المنزل، أو تقترض بدلة من إحدى الفتيات التي تم إعفاؤها من الحصة. لكن بمجرد أن ترتدي البدلة، كانت تمارس بعض التمارين الإحمائية وتجري حول قاعة التمرين، مستمتعة بوقتها، تصرخ لتمرير كرة السلة إليها، بينما كانت أنيتا غير منتبهة بسبب حرصها على ما يبدو عليه شكلها حتى إنها تلقت الكرة ذات مرة في رأسها.
كانت هناك أوقات أفضل تستمتعان بها خلال هذه الفترة. خلال وقت الظهيرة، كانتا تسيران إلى وسط المدينة وتنظران عبر واجهات متجر مفروش بطريقة جميلة، كان يبيع ملابس الزفاف والسهرة فقط. كانت أنيتا تخطط لإقامة زفافها في الربيع، حفل زفاف ترتدي وصيفات العروس فيه فساتين حريرية بلون وردي وأخضر وجونلات فوقية من الأورجانزا البيضاء. كانت مارجوت تأمل أن يكون زفافها في الخريف، كانت وصيفات العروس سيرتدين فيه فساتين من القطيفة ذات اللون المشمشي. في متجر وولورثز، كانتا تنظران إلى المعروض من أحمر الشفاه والأقراط. هرعتا إلى داخل الصيدلية ورشتا أنفسهما بعينة عطر. إذا كان لديهما أي مال لشراء بعض الحاجيات الضرورية لوالدتيهما، كانتا تنفقان بعض الفكة على شراء الصودا بطعم الكريز أو حلوى الطوفي الإسفنجية. لم تشعرا قط بتعاسة بالغة؛ لأنهما كانتا تعتقدان أن شيئا مميزا سيحدث لهما. ربما تصيران بطلتين؛ حب وسلطة من نوع ما كانا في انتظارهما بكل تأكيد. •••
كانت تريسا تستقبلهما، عندما كانتا تعودان إليها، بالقهوة، أو الشوكولاتة الساخنة المحلاة بالكريمة. كانت تبحث في إحدى عبوات الحلوى في المتجر وتعطيهما الحلوى المحشوة بالتين أو قطع المارشميلو المحلاة بجوز الهند الملون. كانت تلقي نظرة على كتبهما وتسألهما عن واجباتهما المنزلية. مهما تقولان، كانت هي، أيضا، درسته. في كل صف كانت فيه، كانت دوما نجمة. «الإنجليزية؛ درجات ممتازة في الإنجليزية! لكنني لم أعرف وقتها أنني سأغرم بأحد وسآتي إلى كندا. كندا! أعتقد أن الدببة القطبية فقط هي التي تعيش في كندا!»
لم يكن رويل يدخل. كان يعبث بشيء في الحافلة أو الجراج. كان مزاجه عادة طيبا عندما كانتا تستقلان الحافلة. كان ينادي قائلا: «ليصعد كل من يريد الصعود! أحكموا ربط أحزمة المقاعد! تأكدوا من وضع أقنعة الأكسجين! اتلوا صلواتكم! سنسلك الطريق السريع!» ثم كان يغني لنفسه، وسط ضجيج صوت الحافلة، عند الخروج من المدينة. قرب المنزل، كان مزاج الصباح يغلب عليه، المزاج الذي يتميز بالتحفظ وازدراء غير واضح. ربما يقول: «ها أنتما، أيتها السيدتان - نهاية يوم عظيم.» عند نزولهما من الحافلة. أو ربما لا يقول أي شيء. لكن كانت تريسا لا تتوقف عن الثرثرة بالداخل. كانت قصص أيام المدرسة التي كانت تحكيها تفضي إلى حكي مغامرات فترة الحرب: جندي ألماني يختبئ في الحديقة، قدمت له بعضا من حساء الكرنب؛ ثم وصل أول أمريكيين رأتهم - كانوا من السود - على متن دبابات، خلفوا انطباعا مضحكا ومدهشا بأن الدبابات والرجال على متنها كانوا جميعا كأنهم شيء واحد. ثم تحدثت عن فستان زفافها أيام الحرب الذي كان قد صنع من مفرش مائدة أمها المطرز. ورود وردية موضوعة في شعرها. لسوء الحظ، جرى تمزيق الفستان إلى خرق لاستخدامه في الجراج. كيف كان لرويل أن يعرف أهمية هذا المفرش؟
في بعض الأحيان، تكون تيريسا منخرطة في محادثة مع أحد الزبائن. لا تقدم حلوى أو مشروبات ساخنة آنذاك؛ كان كل ما تحصلان عليه منها هو تلويحا بيدها، كما لو كانت محمولة في عربة احتفالية تجوب الأنحاء. وكانتا تسمعان أجزاء من القصص ذاتها؛ الجندي الألماني، الأمريكيين السود، جندي ألماني آخر تمزق إربا، رجله في حذائه عالي الرقبة عند باب الكنيسة، حيث ظلت هناك، كل من يمر من هناك ينظر إليها. العرائس على متن السفينة. دهشة تيريسا لطول الوقت الذي استغرق للوصول من هاليفاكس إلى هنا على متن القطار. مرتي الإجهاض.
سمعها تقول: إن رويل كان يخشى عليها أن تحمل طفلا آخر. «لذا يستخدم الآن دوما واقيات ذكورية.»
كان هناك أشخاص يقولون إنهم لن يذهبوا إلى ذلك المتجر مجددا؛ حيث إن المرء لا يعرف أبدا ماذا سيسمع هناك، أو متى سيخرج منه.
في جميع الأوقات - اللهم إلا في أوقات الطقس السيئ - كانت مارجوت وأنيتا تمضيان الوقت بطريقة متمهلة قبل الوصول للمكان الذي يجب أن تفترقا عنده. كانتا تطيلان اليوم أكثر فأكثر، تتحدثان. في أي موضوع. هل كان مدرس الجغرافيا سيبدو أجمل بالشارب أم بدونه؟ هل لا تزال تريسا ورويل يتضاجعان، مثلما أشارت تريسا ضمنا؟ كانتا تتحدثان في يسر بالغ وبلا نهاية حتى بدا أنهما تحدثتا في كل شيء. لكن كانت هناك أشياء أخفتاها.
अज्ञात पृष्ठ