لعلها ابتسمت، ولكن وجهها تورد يقينا، وهمست: أنا فاهمة ومجربة.
فقلت بشجاعة متصاعدة: إذن فكلانا في حاجة إليها!
فضحكت وآثرت الصمت، وشعرت بأننا انتقلنا من عصر إلى عصر، فقلت: الوحدة مرة، والحياة مرة، أتطلع إلى شيء جديد، أنت جددت أثاثك. - شقتي تجددت تماما، المرحوم ترك لي مبلغا لا بأس به، وحيد أهداني حجرة نوم جديدة، وبكر حجرة الاستقبال، واشتريت أنا حجرة سفرة. - والغلاء؟ - المعاش لا يجدي، ولكن وحيد وبكر يمدانني بما أحتاج إليه، ماذا تفعل أنت؟ - يدي دائما على قلبي، ولا أحد يهتم بالمتقاعدين، ولكن أفكر في بدء حياة جديدة! - بعد التقاعد؟ - صحتي على ما يرام، ولدي مهارة في اللغة الإنجليزية وخبرة في الأعمال الإدارية، وسوف أجرب حظي في إحدى شركات الاستثمار. - مرتباتهم كبيرة. - وأملي كبير جدا. - فكرة جميلة . - يسرني أنك تشجعينني.
ورجعنا إلى الصمت فرأيت من المناسب إنهاء الزيارة، قلت: آن لي أن أذهب.
وكالعادة دعتني للبقاء مجاملة ولكنني وقفت ومددت يدي للمصافحة. تمشيت في الهواء الساكن متلهفا على نسمة من نسائم الصيف. إذا كان الخيال لم يتحقق فإنه أيضا لم يتلاش. ومضيت إلى مقهى النجاح بروح جديدة، ولما رآني حمادة الطرطوشي مقبلا ابتسمت أساريره، وقال: رجعت إلى شبابك، لم أرك كاليوم أبدا.
وجعلت أعيد على مسمعه ما دار بيني وبينها واجدا في ذلك سعادة جديدة. وعلق الرجل قائلا: أنا متفائل، وأنت؟
فتفكرت قليلا، ثم قلت: بنسبة 50٪. - لا، أكثر من ذلك. - حقا؟ - كان بوسعها أن تجعل من الزيارة الأولى والأخيرة. - لا شك في ذلك. - ولا أظن أنه غاب عنها مقصدك. - أتمنى ذلك. - صدقني، أنا أدرى بالنساء منك، ولكن هل وجدتها حقا صالحة؟
فقلت بحماس: أؤكد لك أنها ما زالت جذابة.
فقال الرجل وهو يضحك: على سبيل الحيطة لا تتماد في التفاؤل، المظهر في مثل سنها غير المخبر، قد يبدو الجسم مغريا داخل الفستان، ولكن إذا عري تجلت به ثغرات وحفر مثل شوارع هذه الأيام؛ لذلك أنصحك إذا وفقت إلى ما تريد أن تمارس حبك في الظلام!
ولم أتمالك من الضحك طويلا، ثم قلت له: المهم أن أوفق أولا.
अज्ञात पृष्ठ