العجوز رائق ويمزح عليه اللعنة، بل يقول: أتريد الحقيقة؟ .. كان بوسعك أن تتزوجها.
فحدجته بغضب، فقال: لو كنت مكانك لجهزت حجرتي ولو بالتقسيط وضممت البنت إلى الأسرة، وليفعل الله ما يشاء.
قلت بحدة: هذه الأفكار لم تكن ترد على الخاطر في ذلك الزمان. - لا تغضب، أرى أنك سلمت للهزيمة دون مقاومة حقيقية.
فقلت بصرامة: من فضلك لا تحملني مسئولية سوء حظي.
ولم يقنع بيتنا بسوء حظه، ولكنه أضاف إليه نكدا وقرفا، كأنما الكراهية تهيمن عليه؛ فكرية وزينب في مشادة، فكرية وأمها في شجار، زينب وأمها في نقار. تقول فكرية: لو تعلمنا وتوظفنا لتغير حالنا، الله يسامحكم.
فتصيح أمي: زمان المرحوم غير هذا الزمان، دعوه يرقد بسلام.
فتقول زينب: ليتني أملك الشجاعة لأعمل خادمة.
فتهتف أمي: ربنا يريحني بالموت !
آه يا بيت النكد والكآبة! أما من نهاية لهذه الاتهامات المتبادلة؟ أما معي فكن يقدمن خير ما تنطوي عليه مشاعرهن من رقة وحب، أنا رب البيت وضحيته، وبقدر ما أسخط عليهن أعطف وأحزن، كم كانت أمي ربة بيت ممتازة، وكم كانت سعيدة في علاقتها مع أبي، ولكنها لم تتصور تلك النهاية الكآبية لأسرتها، تساءلت مرة بضيق: لماذا لا يخلو بيتنا من عنف؟
فقالت أمي: كيف تستخرج العسل من الخل؟ .. أنت نفسك ...
अज्ञात पृष्ठ