99

أما من الكتاب فهي كما يلي:

الدليل الأول:

قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}(1). ووجه الاستدلال بالآية هو أنه تعالى مدح نفسه فيها بأن الأبصار لا تدركه حيث أن إدراك الأبصار هو رؤيتها، وذلك أن الآية وردت بين أوصاف المدح الأخرى، فقال سبحانه وتعالى: {إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي} إلى قوله تعالى: {وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل* لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}(2)، فكما ترى أن قوله: {لا تدركه الأبصار} جاء متوسطا بين أوصاف المدح؛ لأن ما قبله وما بعده مدح فيلزم أن يكون مدحا ولو لم تكن مدحا لكانت خارجة عن أساليب الفصاحة.

ولقد امتدح الله سبحانه ذاته بصفات سلبية أخرى: {أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة}(3).

فلما كان نفي الصاحبة والولد في حقه مدحا كان إثباتهما نقصا، وكذلك الأمر في الرؤية لقد امتدح ذاته بأمرين أحدهما: سلبي {لا تدركه الأبصار}، والآخر إيجابي {وهو يدرك الأبصار} فدل على أنه سبحانه يرى (( بفتح الياء )) ولا يرى (( بضمها )).

وكذلك الانسان عندما يدعو الله فإنه يثني عليه ويمدحه بقوله: يا من يرى ولا يرى.

पृष्ठ 102