فقال: (( نور أنى أراه ))(1)، وفي قوله: (أنى أراه)، استبعاد لحصول الرؤية لأن (أنى) بمعنى (كيف). وقد حكى عثمان بن منده الدارمي اتفاق الصحابة على انه (ص) لم يره(2).
ولقد نص عدد غير قليل من مثبتي الرؤية في الآخرة على أن الرؤية لم تقع لأحد في الدنيا حتى للنبي (ص).
ثانيا: أدلة الوقوع(3)
وهي من الكتاب والسنة.
أما الكتاب
الدليل الأول: قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}(4) ففسروا (( ناظرة )) بمعنى مبصرة، وهذا الدليل يعد من أقوى الأدلة وأشفاها لدى مثبتي الرؤية وقبل الجواب لابد من الإشارة إلى:
معاني النظر
مما لاشك فيه أن النظر أعم من الرؤية فإنه يكون بمعنى محاولتها ولو لم يتحقق بجواز أن يقول القائل: نظرت إلى الهلال فلم أره. فلو كان أحدهما هو الآخر لتناقض الكلام ونزل منزلة قول القائل: رأيت الهلال وما رأيت الهلال.
وقد تكون الرؤية غاية للنظر مثل: نظرت حتى رأيت. فلو كان أحدهما هو الآخر لما صح مثل: رأيت حتى رأيت. وقد يعقب النظر بالرؤية مثل: نظرت فرأيت. فلو كان أحدهما هو الآخر لكان في ذلك تعقيب الشيء بنفسه وهو لايستقيم: مثل رأيت فرأيت. قال تعالى: {وتراهم ينظرون إليك وهم لايبصرون}(5) فنجد في هذه الآية الكريمة إثبات النظر ونفي الرؤية، فلو كان أحدهما بمعنى الآخر لتناقض الكلام ونزل منزلة قول القائل: يرونك ولايرونك.
(( فإن قيل: إن ذلك مجاز لأنه ورد في شأن الأصنام.
पृष्ठ 48