والجواب: هو أن المراد بقوله تعالى: {أحكمت آياته} أي أحكمت في النظم والإتقان والإعجاز. والمراد بقوله تعالى{ كتابا متشابها} أي يشبه بعضه بعضا في البلاغة والهداية. والمراد بقوله تعالى: {منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} أي أن بعضه واضح المعنى وهو محكم، من جهة أنه لا يحتمل إلا وجها واحدا لا يرتاب فيه مرتاب، وبعضه غامض متشابه يحتمل وجوها كثيره ويحتاج فهمه إلى رسوخ في العلم وبحث واستقصاء واجتهاد.
ومن هنا يمكن القول بأن المتشابه بالنسبة لأهل العلم من ذوي الاختصاص يكون واضحا، وليس كل العلماء، وإنما الذين لديهم رسوخ تام في العلم.
إذ ليس من المعقول أن ينزل الله سبحانه وتعالى كلاما في القرآن لا معنى له ولا يقدر على فهمه أحد. كيف وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة بتدبره ولا يمكن التدبر والتعقل إلا للمعقول.
قال الإمام علي عليه السلام: (ذاك القرآن الصامت، وأنا القرآن الناطق). وقال ابن عباس: أنا من الراسخين في العلم أنا ممن يعلم تأويله.
ولا شك في ذلك فقد دعى له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: في دعائه له: (( اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل ))(1)، وهذا بين لا إشكال فيه.
पृष्ठ 17