لقد شارك البستاني هوميروس في الشعر، ثم شاء القدر أن يشاركه أيضا في آخر العمر بالعمى، جزى الله الشاعرين عن الأدب خيرا.
وللبستاني غير ترجمة الإلياذة كتاب «عبرة وذكرى» الذي طبع عام 1908 يوم كنا نبث له الدعوة؛ ليكون نائب بيروت في مجلس المبعوثان، فكان ثم صار في مجلس الأعيان، وأخيرا أمسى وزيرا خطيرا يرجع إلى رأيه في الجلى. ولعل نثر البستاني لا يقل عن شعره جودة.
أما شعره في الإلياذة فهذا رأيي فيه: أنا لا أعرف اليونانية لأحكم، ولكن شعر هوميروس - كما يبدو لي من خلال الترجمة - شعر قليل التخيل، ولست أعلم إلى من أعزو هذا التقصير، فإذا أردنا أن نعذر سليمان قلنا ما قاله الجاحظ: الشعر لا يترجم، ولا يجوز عليه النقل، وإذا ترجم سقط موضع التعجب منه.
وقد رأيت سليمان في ترجمته الشعرية مقصرا عن سليمان في المواقف الوجدانية، فمن يقرأ شعره السويسراني يجده فيه أقوى شاعرية، قد يكون تراكم الأعلام من أهم أسباب التقصير البشع كقوله معربا:
أو إكسذ أو ثيسس بن أغيس من
قد كان مثل الخالدين رزينا
وكقوله:
كذا ابن هرطاقس آسيس البطل ... ... ... ... ... ...
وآكماس بن أنطينور يصحبه
أخوه أرخليخ كانا بصحبته
अज्ञात पृष्ठ