ابن يونس، ويقول برهان الدين: وقربني منه وأجاز لي إجازة مالك للشافعي (١).
وأعجب به أيضًا شيخه منتجب الدين التكريتي فقال المصنف: فلما رأى نجابتي حثني على تحصيل الفقه (٢).
أما أخبار هذه المنطقة التي عاش بها برهان الدين في أول طلبه العلم ونشأته بها، وهي "قلعة جعبر"، فإن لها تاريخًا حافلًا مجيدًا لما تميزت به من الموقع الجغرافي والسياسي الهامين، وقد كان بها جماعة من العلماء ساهموا في دفع عجلة العلم في هذه الرقعة من البلاد الإِسلامية، ورحل منها جماعة إلى الأمصار والمدن والبلدان الأخرى واشتهر ذكرهم، فمنهم من استوطن (دمشق) ومنهم من استوطن (القاهرة) ومنهم من استوطن (بغداد) ومنهم من نزل بلد (الخليل) و(القدس)، وغيرها، ولها على عالمنا فضل كبير في تكوينه أولًا، فقد جمع فيها زاده العلمي والثقافي، واصطبغ بالصبغة العلمية الصافية ونهل من معينها العلم والمعرفة، وبذل جهده حتى تمكن من الطلب والاشتغال، وتوفرت لديه عوامل النمو العلمي والثقافي (٣)، حتى تطلّع فيما بعد إلى المزيد من العلم، واستعد بعد ذلك للقيام بالرحلات إلى المدن الهامة، كـ (بغداد) و(دمشق) وغيرهما -كما سيأتي (٤).
وقد احتلت هذه المنطقة مكانة سياسية في عهد دولة السلاجقة فقد اتخذها السلطان جلال الدين ملكشاه (٥) بن ألب أرسلان السلجوقي المتوفى سنة ٤٨٥ هـ حصنًا، وهو الذي انتزعها من الأمير سابق الدين الجعبري في آخر القرن الخامس الهجري، ثم صارت من بعده لنور الدين محمود (٦) بن زنكي المتوفى سنة ٥٦٩ هـ الذي لقب بالملك العادل، ثم
_________
= انظر ترجمة ابن يونس في: البداية والنهاية ١٣/ ٢٦٥، وطبقات الشافعية للسبكي ٥/ ٧٢، والعبر ٥/ ٢٩، وطبقات الشافعية للاسنوي ٢/ ٥٧٤، ومرآة الجنان ٤/ ١٧١، وشذرات الذهب ٥/ ٣٣٢، وهدية العارفين ١/ ٥٦١، وفي كشف الظنون ١/ ٤٧١، ٤٩٢، وفي الأعلام ٣/ ٣٤٨.
(١) عوالي مشيخة برهان الدين ق ٦١/ أ.
(٢) المصدر السابق. وستأتي ترجمة التكريتي ص ٣٩.
(٣) فعاش فيها من سنة ٦٤٠ هـ إلى ما بعد سنة ٦٦٠ هـ. الدرر الكامنة ١/ ٥٠.
(٤) انظر: أخبار هذه المنطقة في معجم البلدان ٢/ ١٤١ - ١٤٢ والتاريخ الباهر ص ٤٧، ٧٣.
(٥) له ترجمة في التاريخ الباهر ص ٧٣، وفي تاريخ دولة آل سلجوق للأصفهاني ص ٥٧، والبداية والنهاية ١٢/ ١٤٢ - ١٤٣.
(٦) له ترجمة في الروضتين ١/ ٢٢٧ - ٢٢٩، وفي الكامل لابن الأثير ١/ ١٥١، وفي تاريخ ابن الوردي ٢/ ٨٣، وفي تاريخ ابن خلكان ٢/ ٨٧، وفي الدارس ١/ ٩٩، ٣٣١، وفي النجوم الزاهرة ٦/ ٧١، وفي مرآة الجنان ٨/ ٣٠٥، والأعلام ١/ ١٧٠ وفي البداية والنهاية ١٢/ ٢٧٧ - ٢٨٤.
1 / 37