रूम
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
शैलियों
Ad Theodorum Lapsum
فعاد إلى الرهبانية والزهد، وما فتئ يدرس العلوم الدينية على ديودوروس حتى السنة 378 سنة سيامة أستاذه أسقفا على طرسوس، فأما ثيودوروس فإنه سيم كاهنا في السنة 383، ورحل بعدها إلى طرسوس والتحق بمعلمه، وما زال فيها حتى سيم أسقفا على مبسوستي في جوار طرسوس، وتوفي في السنة 428، وهو أكبر من صنف في اللاهوت من رجال أنطاكية، ولم يبق من تآليفه إلا نزر يسير؛ نظرا لموقف المجمع المسكوني الخامس من تعاليمه، وهو أستاذ نسطوريوس، ويروى أن نسطوريوس زاره في مبسوستي، وهو في طريقه إلى القسطنطينية ليتبوأ كرسيها البطريركي، فرحب به ثيودوروس وأوصاه بالاعتدال،
23
أما ثيودوريطس القورشي فإنه أنطاكي أيضا، ولد في أنطاكية سنة 393، وبشر بولادته مقدونيوس الناسك معلنا استعداد المولود الجديد لتكريس نفسه لخدمة المسيح، فنشأ ثيودوريطس راهبا، وأخذ كثيرا عن يوحنا الذهبي الفم وعن ثيودوروس المبسوستي، ورافق في عهد التلمذة نسطوريوس ويوحنا الأنطاكي، وقد سيم أسقفا على قورش في السنة 423، وكانت وفاته في السنة 457، وكتب كثيرا، وأنفع ما صنف تكملة تاريخ يوسيبيوس.
24
وكانت مبادئ مدرسة أنطاكية توجب في كل موضوع بساطة في المنهج وكمالا في الإيضاح وإدراكا في تعليم الإيمان، وكانت تؤثر الأخذ بظاهر النصوص المقدسة، فتبتعد كل الابتعاد عن التأويل، وكانت تعتمد أرسطو أكثر من أفلاطون، ومن ثم كانت هذه الفروق بينها وبين مدرسة الإسكندرية.
ولهذا السبب كانت تميز مدرسة أنطاكية بين اللاهوت والناسوت في شخص المسيح واحد، ومع أنها كانت تعتقد بأن المسيح واحد وليس اثنين، فإنها كانت ترفض التعليم بالاتحاد الطبيعي وبالمزج بين الطبيعتين، وكانت تعتبر اتحادهما إضافيا بمعنى السكنى والارتباط حفظا لكمال الطبيعة البشرية التي زعم أبوليناريوس أنها كانت ناقصة، وشهد بذلك يوحنا الإنجيلي بقوله: إن الكلمة «سكن فيها»، وبقول بولس الرسول إن الكلمة «ظهر بها»، وكانت تنكر على الناسوت خواص اللاهوت، كالحضور في كل مكان والقدرة على كل شيء، وعلى اللاهوت أهواء الناسوت وآلامه، كالولادة والتألم والموت.
ولهذا السبب كان معلموها يتجنبون كل تعبير يؤدي إلى مثل ذلك المعنى كتسمية العذراء بوالدة الإله، ومع اعتقادهم بكمال الطبيعة الإلهية كانوا يعتقدون بوجوب كمال الطبيعة البشرية أيضا؛ لأن لوقا الإنجيلي يقول في الإصحاح الثاني: إن يسوع «كان يتقدم بالحكمة والقامة.» وهذا لا يقال إلا في طبيعة بشرية، وكانوا يعلمون «بوجوب السجود للناسوت، بمعنى أنه إناء للكلمة، فيقولون: إننا نسجد للأرجوان من أجل المتردي به، وللهيكل من أجل الساكن فيه، ولصورة العبد من أجل صورة الله، وللحمل من أجل رئيس الكهنة، وللمتخذ من أجل الذي اتخذه، وللمكون في بطن البتول من أجل خالق الكل.»
على أنهم ما كانوا يعلمون بأقنومين بل بأقنوم واحد ذي طبيعتين متحدتين، بلا انمزاج ولا اختلاط ولا تشويش، ولهذه الأسباب كانوا يقدمون للمخلص سجودا واحدا من الجهة الواحدة، ويرفضون من الجهة الأخرى الاعتراف بالاتحاد الطبيعي أو الجوهري؛ حذرا من حصر اللاهوت أو من تأليه الناسوت. «فينتج مما تقدم أن معلمي أنطاكية والإسكندرية كانوا يعلمون التعليم المستقيم على مناهج مختلفة، مع محاذرة استعمال عبارات مستقيمة، أو مع استعمال عبارات أشد من المستقيمة تحصينا للتعليم القويم بحسب اقتضاء مراكزهم، فكان المصريون يشدون العبارات المتعلقة بإيضاح كمال طبيعة اللاهوت حذرا من بدعة آريوس التي ظهرت في إقليمهم ضد التعليم بكمال اللاهوت، وكان الأنطاكيون يطلبون إيضاح كمال طبيعة الناسوت؛ حذرا من بدعة أبوليناريوس التي ظهرت في إقليمهم ضد التعليم بكمال طبيعة الناسوت.
ولكنه قام في المدرستين أناس تطرفوا في التعليم فسقطوا في الضلال، فقام في مدرسة أنطاكية من تطرف في التعليم بالطبيعتين إلى التعليم بشخصين أو أقنومين حتى أنكر الاتحاد الحقيقي، وهذا هو نسطوريوس وأتباعه، وقام في الإسكندرية من تطرف من التعليم باتحاد الطبيعتين إلى التعليم باختلاطهما طبيعة واحدة، ولم يعد يميز بين اللاهوت والناسوت، وهذا هو أفتيشيس أو أوطيخة وأنصاره.»
अज्ञात पृष्ठ