रूम
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
शैलियों
وأصدر طيباريوس أمره في ربيع السنة 581 بالقبض على المنذر، فأرسل ماغنوس
Magnus
حاكم سورية إلى المنذر يدعوه إلى حوارين بين تدمر ودمشق؛ للاشتراك في حفلة تدشين الكنيسة التي أقامها فيها، فلبى المنذر الدعوة، فما كاد يبلغ حوارين حتى ألقى عليه الحاكم القبض وأرسله مخفورا إلى القسطنطينية، ولم يقتصر طيباريوس على نفي المنذر وإنما عمد أيضا إلى قطع الإعانة السنوية عنه، فقام أبناء المنذر الأربعة وشقوا عصا الطاعة، وأوغلوا في البادية وأخذوا يشنون منها الغارات على أراضي الدولة، ودخلوا بصرى واضطروا حاميتها أن تتخلى لهم عن الذخائر والأموال التي صادرتها منهم وبينها تاج المنذر، فجرد طيباريوس حملة ضدهم وأنفذ معها أخا آخر للمنذر ليخلفه في وظيفته، ولكنه توفي بعد عشرة أيام، أما القائد البيزنطي فإنه تمكن - بالمكر والخداع - من إلقاء القبض على النعمان أكبر أبناء المنذر، وتوفي طيباريوس في السنة 582 فتولى العرش بعده موريقيوس عدو المنذر، فأمر بإبعاد الملك العربي ومن معه إلى صقلية.
21
وطالت الحرب الفارسية وحمي وطيسها وشعر موريقيوس بالحاجة إلى من يوحد كلمة القبائل العربية في سورية ويقودها إلى الحرب ضد الفرس، فاستحضر النعمان في السنة 584 ووعده بإرجاع والده من المنفى ثم طلب إليه أن يحارب الفرس معه، وأن يعتنق الأرثوذكسية، فأجابه النعمان أن جميع قبائل طي يعاقبة وأنهم يذبحونه ذبحا إن هو تقبل قرار «المجامع»، فغضب موريقيوس وأمر بسجنه ثم ألحقه بوالده.
22
ويرى نولدكه في رسالته أمراء غسان، أن أحوال العرب في سورية اضطربت بعد اعتقال المنذر وابنه النعمان، وأن عرى وحدتهم تفككت، فاختارت كل قبيلة منهم أميرا لها، فتطاحنت وتنازعت فيما بينها، وأن هذه المنازعات لم تنحصر بالبادية وإنما تعدتها إلى البلدان العامرة، وأن القبائل أخذت تسطو - بلا خوف ولا وجل - على أموال الفلاحين المتحضرين فتنهب مواشيهم وتحصد دون أن تزرع. ويزيد نولدكه أن هذا كله حمل الروم على التفكير في تنصيب عامل لهم رئيسي جديد يقوم مقام المنذر، وأنهم رأوا أن يكون هذا العامل من آل جفنة أيضا لما كان لهؤلاء في الماضي من الهيبة في القلوب.
23
وقضت ظروف العداء بين الغساسنة وعرب الحيرة أن يشتد كره عرب الحيرة لكل من قال بالطبيعة الواحدة، وأن يتقربوا من الكنيسة الأرثوذكسية الأم، وانتهت الحرب بين فارس والروم في مصلحة الروم، فطلب النعمان ملك الحيرة أن يتلقى المعمودية على يد كاهن أرثوذكسي في الرصافة وقبلها معه رجاله، وكان خالص النية فيما فعل، فلما عاد إلى الحيرة رمى بتمثال الزهرة الذهبي في النار، وجمع ذهبه بعد انصهاره ووزعه على الفقراء، ولعل الكاهن الأرثوذكسي الذي عمد النعمان ورجاله هو البطريرك الأنطاكي غريغوريوس نفسه، فإنه هو الذي كرس تقدمات أبرويز وزوجته المسيحية سيرين على اسم القديس سرجيوس في الرصافة «سيرجيوبوليس»، وانطلق البطريرك من الرصافة إلى البادية يرد «الضالين في القرى والأديرة إلى الدين المستقيم»،
24
अज्ञात पृष्ठ