रोकंबोल
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
शैलियों
فما قرأت هذه الفقرة حتى شعرت أن الأرض قد انطبقت عليها، فصاحت صيحة عظيمة، وسقطت على الأرض مغشيا عليها.
وعندما أفاقت من إغمائها وجدت نفسها مضطجعة على سريرها، وأمامها حاضنتها جرتريدة وفتاة حسناء عليها ملامح الضنك، وفي عينيها ما يدل على المكر والرياء.
وكانت هذه الفتاة هي التي أغواها كولار، وكتب في منزلها رسالته السابقة إلى أندريا، وقد سمعت صيحة حنة قبل إغمائها وسقوطها واستغاثة جرتريدة، فأتت مدفوعة من كولار الذي كان باقيا عندها، وعرضت على جرتريدة مساعدتها فقبلتها.
أما حنة فإنها لم تلبث عندما استفاقت أن عادت إلى الافتكار بأرمان، وأنه في خطر عظيم، فعزمت على أن تذهب إلى منزله، وتبذل كل ما تستطيع في سبيل منع هذه المبارزة، ثم رأت خيالا قد انتصب أمام عينيها وخيل لها أنه يقول: «لا يجب على المرأة الشريفة أن تمنع من تهواه عن أن يخاطر بحياته للدفاع عن شرفه.» وكان هذا الخيال خيال أبيها، فنهضت من فراشها فركعت أمام صليب معلق في الحائط وصلت، ثم رجعت إلى الفراش فمكثت ريثما تناولت قليلا من المرق، ولم يمر على ذلك عشر دقائق حتى استرخت عيناها وشعرت بنعاس عظيم لم تستطع مقاومته، وثقل رأسها فانطرحت على الفراش، وكانت جرتريدة جالسة بالقرب منها على كرسي طويل.
وبعد ذلك بساعة فتح باب الغرفة، ودخل إليها رجل ومشى إلى فراش حنة وهو يضحك ضحك الساخر ويقول: خليلتي قد أتمت واجباتها على ما يرام، ووضعت في القدر جميع ما أعطيتها من المرقد بحيث أن صوت المدافع لا يقوى على إيقاظ خليلة السير فيليام المستقبلة. وكان هذا الرجل هو كولار.
استيقظت حنة عند الضحى وقد نفدت أشعة الشمس إلى غرفتها، فنظرت إلى ما حولها فلم تر ذلك الصليب الذي كانت تصلي أمامه بالأمس داعية لأرمان، وقد وجدت نفسها نائمة بملابسها على مقعد في غرفة متسعة، يرى من نوافذها أنها محاطة بالأشجار المرتفعة.
وقد رأت في وسط تلك الغرفة البديعة الأثاث سريرا ذا عواميد موشحة بالذهب، وستائر من المخمل، وفيها جميع ما تحتاج إليه العذارى من كل ما يروق للعين ويحلو للنفس، وجميع أدوات الزينة مما يتفاخر به عظماء باريس، وتماثيل ومرائي مرتبة أحسن ترتيب، مما يدل على سلامة ذوق مرتبها، وفي الجملة فإن هذه الغرفة كانت محتوية على كل ما تحلم به العذارى.
وقد خيل لها أنها في حلم عندما رأت نفسها في غير منزلها، وفي غرفة توافق ذلك الكتاب الذي ورد إليها وهي تظنه من أرمان، فأخذ العرق ينصب من جبينها، وهي تجهد النفس ولا تقدر على حل شيء من هذه الألغاز، فقامت ومشت في أرض الغرفة ضائعة الصواب موجعة القلب، وهي لا تزال تعتقد أنها في حلم، ثم فتحت إحدى النوافذ فهب في وجهها نسيم الصباح البليل، وأطلت منها على روضة غناء كثيرة الأشجار، وسمعت تغريد الأطيار، فتمثلت لها تلك الجنة التي ذكرت في كتاب أرمان، ثم أخذت تفحص جميع الأشياء الموجودة في الغرفة المجهولة عندها، فتحققت أنها في يقظة، وأخذ الخوف يداخل قلبها وهي تقول: ترى أين أنا؟ وكيف جيء بي إلى هذا المنزل الذي تدل ظواهره على أنه خارج باريس؟ وما لي لا أرى حاضنتي جرتريدة؟ ويلاه! أفي يقظة أنا أم في منام؟ كلا، إن ذاك غريب لا محالة. ولكن نسيم الصباح الذي كان يبرد جبينها الملتهب، وأشعة الشمس التي كانت تتدفق على الحقول الخضراء، وتغريد الطيور التي كانت تتناجى في الشجر وتتناغى فوق رءوس القضب، وحفيف الأشجار وتمايل الغصون التي كانت ترقص لنغمات النسيم؛ كل ذلك كان يثبت لها أنها في يقظة. وفيما هي تتأمل في تلك الغرفة، وقع نظرها على رسالة مفتوحة على المستوقد، فأسرعت إليها وأول ما نظرتها رأت أن خطها هو نفس خط رسالة الأمس، فأخذتها إذ أيقنت أنها من أرمان وقرأت ما يأتي:
الساعة التاسعة صباحا
لقد تبارزت في الساعة السابعة فانتصرت، وأنا سليم لم أصب بشيء.
अज्ञात पृष्ठ