रोकंबोल
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
शैलियों
ولم يفق فرناند إلا بعد أن وصل إلى منزل باكارا، فظن نفسه رأى حلما، ونظر حوله باندهاش فوجد نفسه في سرير بملابس النوم في تلك الغرفة الحريرية التي كانت باكارا تستقبل بها أندريا، ولم يكن قد بقي من النهار إلا بقية نور ضعيف تنير تلك الغرفة البديعة الرياش، فغالط نفسه وعاوده الظن أنه يحلم، فأطبق عينيه كأنه يريد أن يستتم ذلك الحلم، ولكنه لما عاد وفتحهما وجد شخص امرأة منحنية عليه كما تنحني الأم على طفلها، ثم أخذت يده وقالت له بصوت حنون رن في أعماق قلبه: أنت محموم.
فأجابها وهو في حالة الذهول: أين أنا؟
فأجابته باكارا وصوتها يتهدج: أنت في منزل صديقة.
ثم دنت من الموقد وأضاءت شمعتين كانتا عليه، فتأملها فرناند مليا، وصاح مندهشا وهو يظن أنه في حضرة ملاك لا في حضرة إنسان. - إن الطبيب يأمرك بالراحة، فلا ينبغي أن تتكلم ولا تتحرك؛ لأن مرضك شديد حتى إنك سقطت في الشارع مغميا عليك، ولو لم أكن حاضرة ...
فقاطعها وقال: أكنت حاضرة؟
فقالت وقد ورد الخجل وجنتيها: كنت مارة من هناك اتفاقا، فعرفتك وحملتك في مركبتي. - عجبا! أتعرفينني! - نعم، أولا تعرفني أنت؟
فقال وهو يمر يده على جبينه: أجل، أذكر أني رأيتك.
فقالت وقد أطرقت بنظرها إلى الأرض: أنا أخت سريز. - أجل، ولقد تذكرت الآن، ويخيل لي أني رأيتك عندها في النافذة. - هو ذاك، ولكن سنتحدث في هذا الشأن مليا غدا أو بعده، أما الآن إنك في حاجة إلى الراحة، ولا ينبغي أن تتكلم فاهدأ وكن عاقلا.
ثم انحنت عليه كما تنحني الأخت على أخيها وقبلته في جبينه قبلة رجف لها فؤاده واضطربت أعضاؤه، وكاد يعاوده الظن أنه في حلم لا في حقيقة، ثم شعر بأنفاسها تهب في وجهه وقلبها يخفق في صدرها فوق صدره، وخيل له أنه قد سمع كلمة خرجت من شفتيها الورديتين همسا، كما يهمهم نسيم الماء، تلك الكلمة التي ما وقعت في قلب رجل إلا اهتزت لها كل عروقه، والتي لا شبيه لها إلا رنة العود في قلب الحزين، أو صوت المطرب في أذن النشوان، ولا يقولها أحد بمثل تلك اللهجة والحنان إلا أفواه النساء، وهذه الكلمة هي «أحبك»، وهي كلمة تختلج لها كل نفس، فكيف إذا كانت نفس ابن عشرين. •••
ولما طلع الصباح ومرت نسائمه الباردة على جبهة العليل، ففتح عينيه ووجد باكارا واقفة تجاهه وقد ضمت رأسه بين يديها، وألقت عليه نظرات غرامها وانعطافها، وهي تكرر له هذه العبارة على اتفاق إمعان واختلاف روي «أحبك وأهواك».
अज्ञात पृष्ठ