325

रोकंबोल

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

शैलियों

42

تقدم لنا القول إنه حين أعطت الفيروزة الحوالات لأندريا وخرجت من الغرفة التي كان فيها للاجتماع مع فرناند، رأى أندريا على نور النار المشبوبة في المستوقد شبح إنسان، ولما رأه جعل يحدق به ويتراجع على بسالته منذعرا إلى الوراء، حتى لم يعد يطيق الرجوع لبلوغه إلى الحائط، وعند ذلك تقدم منه الخيال حتى بلغ إليه، وشعر أندريا بأنفاسه تهب على وجهه، فانذعر وقال: من أنت؟ وماذا تريد؟

أما الخيال فإنه لم يجبه بحرف، بل إنه قبض على عنقه بإحدى يديه، ووضع على جبهته باليد الثانية معدنا باردا علم أندريا في الحال أنه حديد مسدس، ثم سمع صوتا نسائيا يقول: يجب أن تعطيني الحوالات وإلا فأنت مائت لا محالة.

فاضطرب أندريا لأنه علم أن هذا الصوت صوت باكارا، وأنه إذا لم يرجع إليها الحوالات قتلته دون شك، فمد يده إلى جيبه وأخرج الحوالات دون تردد، إلا أن باكارا لم تمسها بيدها بل بقيت قابضة على عنقه وقالت له: ألق هذه الحوالات في النار، ولم يسعه إلا الامتثال وألقاها وهو يكاد يذوب إشفاقا على زوال مطامعه.

وكانت باكارا متشحة برداء طويل لا يخفي منظرها عمن يعرفها، إلا أن أندريا كان متنكرا تنكرا عظيما، بحيث يستحيل على باكارا أن تعرفه، ولكن باكارا أرادت أن تتبين وجهه فقالت ببرود: إذا أحببت الحياة فينبغي عليك أن تطيعني.

فقال بلهجة الإنكليز: إني أطيعك في جميع ما تريدين. - خذ هذه الشمعة وأشعلها من نار المستوقد.

فامتثل أندريا، وقالت له: أشعل الثانية فإن أمثالنا يجب أن يعرف بعضهم بعضا.

وامتثل أيضا وأنار الشمعة الآخرى، وصوبت إليه مسدسها وقالت: إن من كان لصا أثيما مثلك يسرق مليونين وثلاثمائة ألف فرنك بأقبح الحيل، لا بد له أن يحمل خنجرا في جيبه، فأسرع يا حضرة الميلورد وألقي خنجرك إلى الأرض، وأنا قلت لك ميلورد لأنك قد تقمصت فصرت إنكليزيا.

ولما رأت أنه يتردد صوبت إليه المسدس أيضا، وقالت: إذا تأخرت دقيقة واحدة فإنك مائت. وقد صوبته إلى الرأس، فعلم أندريا أن لا حيلة معها، ففك أزرار ثوبه وأخذ الخنجر وقدمه لها وهو يؤمل أنها متى مدت يدها لاستلامه انقض عليها وجردها من سلاحها فكان له الفوز، غير أنه ساء فأله، فإن باكارا كانت أشد منه دهاء، وكأنها قد أدركت قصده فقالت: كلا، بل ألقه إلى الأرض.

فألقاه مكرها وهو يرجو أيضا أن تنحني لأخذه، غير أنها وضعت رجلها عليه وجعلت تتفرس به وهي تقول بنفسها: أظن أن هذا الرجل هو أندريا بعينه، ولكنه قد غير هيئته تغيرا شديدا بحيث لا أستطيع الحكم عليه إلا من عينيه، فإنهما هما هما لم تتغيرا.

अज्ञात पृष्ठ