148

रोकंबोल

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

शैलियों

4

كان الكونت لوسيان في خلال ذلك سائرا في طريق الدير، وقد اتخذ أقرب الطرق المؤدية إليه.

ولكنه لم يبعد نحو مائة خطوة حتى سمع وقع ركض من ورائه بين الأدغال، فالتفت فرأى أن الذي يركض في أثره كان بنوات الأحدب.

فوقف لوسيان حتى وصل إليه فقال له: من أين أنت آت؟ - من أقفر الطرق، فإني خشيت أن أكون عرضة لانتقام أهل سولي. - لماذا ينتقمون منك؟ - لأنهم يكرهون مدموازيل أورور، فإذا عرفوا أني كنت معكم بعد تلك الحادثة لا أسلم من انتقامهم. - ولماذا يكرهون ابنة عمي؟ - لأنها شديدة على الفقراء، فهم يكرهونها بقدر ما يحبونك؛ ولذلك أريد أن أكون في خدمتك حين تريد الصيد وحدك، وأما إذا كنت مع ابنة عمك فإن في خدمتك كل الخطر. - إذن لقد أحسنت بانتصاري لهذا الفلاح. - لقد أحسنت كل الإحسان يا سيدي، بل ربما تكون قد اجتنبت مصابا شديدا. - كيف ذلك؟ - إن هذا الرجل الذي أرادت ابنة عمك معاقبته يحبه قومه ويخضعون له كل الخضوع، وهو في كل يوم أحد يخطب بهم في الخمارة ويحمل على النبلاء والكهنة والرهبان حملات منكرة، فيصغون إليه إصغاء تاما حتى إنهم باتوا يعتقدون اعتقاده بالنبلاء وهو أنهم بلية الفقراء.

فأطرق لوسيان مفكرا وقال: أهو قال هذا القول؟ - نعم يا سيدي وقد انضم الجميع إلى لوائه، فلو جلدته ابنة عمك بسياطها لكان انتقام الفلاحين شديدا. - كيف يكون انتقامهم؟

فارتعش الأحدب كأنه خشي الزيادة في التصريح وقال: غير أني لا أعلم إذا كانوا يقولون هذه الأقوال وهم يستطيعون تأييدها بالأفعال، والذي أراه أنهم لا يجسرون.

فعلم لوسيان أنه لا يريد أن يجاهر بكل ما يعلمه فقال له: إنك تعلم يا بنوات أني أحبك، وأنك تستطيع أن تقول لي كل شيء دون أن تصاب بمكروه. - هذا لا ريب فيه عندي يا سيدي. - قل إذن كيف يكون انتقامهم؟ - سأخبرك يا سيدي.

ثم وضع يده دون كلفة على جواد لوسيان وقال له: لقد بات النبلاء في عيون الفلاحين فريقين: فريق يحبونه ويخدمونه وفريق يكرهونه ويضمرون له الحقد، فإنني أعرف كثيرين يثنون عليك في كل مجلس، ولكنني أعرف كثيرين أيضا لو دعوهم إلى إحراق قصر ابنة عمك لأجابوا الدعوة راضين. - لماذا؟ - لأن ابنة عمك وأباها يكرهان الشعب، والشعب يكرههما أشد الكره، فإن الفلاح في حقله إذا رأى طائرا يسبح في الفضاء ما شاء ثم يستقر على شجرته، وأيلا يجتاز عشر مراحل ثم يأوي إلى زرعه، إنه لا يخطر له في بال أن هذا الطائر وهذا الأيل ملك النبلاء والرهبان، فإذا قال النبيل إن هذا الطائر لي ولا يحق لأحد صيده، فإننا نخضع لقوله مكرهين ولكننا لا نفهم ما يقول.

وإنه يوجد بيننا من النبلاء من قدم عهد التصاقهم بنا إلى مائة عام ومائتين، فهؤلاء النبلاء لا نكرههم بل نكون لهم عونا حين الاقتضاء، ولكننا نكره أولئك النبلاء الذين قدموا حديثا إلينا. - من كان منهم مثلي؟ - كلا، فإنهم يحبونك لأنك لين العريكة كثير البشاشة، ولكنهم يكرهون أولئك الذين يحملهم الصلف على استعبادهم كابنة عمك مثلا فإنهم لا يحبونهم. - وعمي؟ - وعمك كذلك، فإنه سجن منذ عام ستة من الفلاحين لأوهى الأسباب، حتى إن زعيمهم قال منذ عهد قريب: لقد آن أوان الانتقام من هذا البيت. - ولكن كيف ينتقمون؟ - بالنار، فإنهم يعتقدون أنها عقاب الآخرة؛ أي عقاب الله.

فأطرق لوسيان مفكرا ، وفرغ الأحدب من حديثه، وسار الاثنان حتى كادا يدنوان من الغابة، فهم بنوات بالانصراف وقال له: أستودعك الله يا سيدي. - كيف ذلك؟ أتتركني؟ - إني راجع إلى الغابة. - ألا تصحبني إلى الدير؟ - لا شأن لي يا سيدي في الدير.

अज्ञात पृष्ठ