ودلت المعرفة بالفقه أنه ﵇ كان لا يكره أن يبال في الخيل ويكره أن يبال في الماء الدائم، وبذلك جاء الخبر عن النبي ﷺ. ولم يمنع أحدًا من إلقاء السباطة على الضرير. وكان يلقى الأسد لا بحفل بلقائه، ويكره الضبع أن تمر به، ويطأ الأرنب ولا تشعر بوطأته.
ويجيز التيمم بالتراب وفوقه أبوال البغال، ولا يجيز التيمم بتراب نجس.
ويزوي الماء عن العليل ويعطيه الظمآن. ويسير على ظهر الحية يومه أجمع، ويكره أن يطأ على الصل. ولم يكن يخضب الشيب وكان يجيز ذبح الخاضب ويجيز أكله شواء وقديرًا.
وإذا رأى يد رجل معروف أنكره، ولا يستحل النظر إلى ريحان لا يملكه. ومر بسرير يقعد عليه الناس ويأكلون الطعام له آلاف سنين منذ صنع وليس فيه سكى أي مسمار. ولو رأى بني إسرائيل يأكلون اللحم لم ينههم ولو أكلوا لحم يعقوب. واستعان بالغراب في كثير من أمره، وكان يستخرج له الماء من الأرض. ولقيته عقرب فعمت بالأذية جميع أصحابه ولم تضره في نفسه، لأن النبي ﷺ دعا له. وكان الهدهد يكلمه بكلام كثير يفهمه عن الهدهد جميع الحاضرين. وكان النهر يجيئه إلى " يثرب " وهو قاعد في منزله، وكان أصحابه يتبايعون الصمم بينهم ولا يتبايعون العرج ولا الحول ولا العمى. وكانت النساء في زمانه يرغبن في سواد العيون ويشترين الزرق مع ذلك ولا يشترين الدعد. وكان في زمانه قوم يطعمهم السنان من لحم الزج، وقد بقيت منهم إلى اليوم بقية. وكان يجيء عليه الوقت من الزمن في الشتاء، والبرد أحب ما يلقه إليه. وكان طباخه يطبخ له بالحشيش وإن الحطب لكثير موجود، وكان يبغض الحطب والحطابين. ويعطى لك أحد من أهله قطا ينتفع به، ولا يحب أن تقرب إليه قرة العين. وكان يجيز أن يكر على العدو وهو على غير طهارة، ويتطهر بالكر. وكان إذا أوتي بالعالم أر أن يقتص منه.
مضت أخبار الأئمة ﵈.
وهذه أخبار أذكرها عن نفسي وعن غيري من الناس والبلاد والبهائم والطير: أشير على الصالح من القوم إذا كانت معيشته وادعة ألا يتعرض لجلوس في البز، وألعن، علم الله، البزازين.
وأقول للعجوز الصالحة أن تصون ولدها عن لقاء البزاز: إنه لا يؤمن على السرق ولا على القتل، إنما يبكر بدهاء وختل.
وأقول للذي يبيع البلسن والبقل: إياك وجوار البزاز فإنه لا يؤمن على قدرك ولا مرجلك ولا مقدحتك.
فأما الصائغ وبائع السقط فيجب أن يكون هربهما من البزاز شديدًا. إنه لا يأمنه في الخلوة أحد إلا من شاء الله. وإن قدر باسك ألا يصلي إلى جانب البزاز فإنه حسن. سبحان ربنا العظيم، هل يصلي البزز في السفر لعله يغفر له؟ أم لا يفتقر إلى الصلاة لعلمه أنه قد حقت عليه كلمة العذاب؟ فأي موقع لصلاته وزكاته؟ إنما يصوم الأبرار ويزكي المتحرجون. فلا تشتر من بزاز قميصًا، فلعله أيها الرجل حرام. وإذا رحل في رفقة الحج فمن الحزامة لهم أن يطردوه. فإن أبى إلا أن يبيت معهم في المنازل فإن البادية إذا تخيلوا في الرجل أنه بزاز أوثقوه وصفدوه، وإن كان قد أكل من طعامهم، يخافون معرته أن تقع بخيلهم وأنعامهم.
وإن حضر " مكة " فطاف ووقف ب " عرفة " وقضى المناسك ولا غرض له في الثواب، وإنما ينتظر غفلة من الحجيج فيختلس منهم بعض المتاع.
لا حج له ولا عمرة، وإذا حلف لم يصدق، فلا تقبل له شهادة، ولا تجعل عنده وديعة ولا تقبل عليه الحوالة، ولا يحل أن يشرك بينه وبين من لا يعرفه شركة عنان ولا شركة مفاوضة. ولا يعار، إذ كانت العارية أمانة وهو لا أمانة له.
وإذا بلغ ابن البزاز وكان على طريقة أبيه ظفر به السلطان، فيجب أن يستتيبه فإن تاب وإلا وقعت عليه أحكام أبيه. قال الله سبحانه: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف " ... الآية.
ولا يجب أن يوثق به في الكفالة على كل حال، وإنما يكفل أخو الأمانة.
تراه عاريًا في الحندس تأخذه من البرد العرواء، وهو في ذلك لا يقدر على الدفء، وإن البز لمعلق في عنقه. وكيف يرجو دفئًا من بزه وهو يوصف بشبم وبرد؟ وإني لأعجب من البزاز يطلب القراض أو يطمع فيه. لا يكن بينك وبينه وجه من المبايعة ولا المساقاة ولا الزراعة ولا الإجارة. إنه لا يرد اللقطة إذا وجدها ولا يؤمن على إفساد الأمة إذا لقيها.
1 / 32