لا إله إلا هو، وقائلها نافيا قلبه ولسانه لألوهية كل ما سواه من الخلق، ومثبتا به الإلوهية لمستحقها وهو الله المعبود بالحق، فيكون معرضًا عن الوهية جميع المخلوقات لا يتألههم بما لا يقدر عليه إلا الله، مقبلًا على عبادة رب الأرض والسموات وذلك يتضمن اجتماع القلب في عبادته ومعاملته على الله ومفارقته في ذلك كل ما سواه فيكون مفرقا في عمله، وقصده، وشهادته، وإرادته، ومعرفته، ومحبته بين الخالق والمخلوق، بحيث يكون عالما بالله، ذاكرًا له، عارفًا به، وانه تعالى مباين لخلقه، منفرد عنهم بعبادته، وأفعاله، وصفاته، فيكون محبا فيه مستعينا به لا بغيره، متوكلا عليه لا على غيره.
وهذا المقام هو المعني في ﴿إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ (١) وهو من خصائص الألوهية التي يشهد له بها تعالى عباده المؤمنون. كما أن رحمته لعبيده، وهدايته إياهم وخلقه للسموات والأرض وما بينهما وما فيهما من الآيات، من خصائص الربوبية التي يشترك في معرفتها المؤمن والكافر، والبر والفاجر، حتى ابليس عليه اللعنة معترف بها في قوله تعالى: ﴿قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (٢)
_________
(١) سورة الفاتحة آية ٥.
(٢) سورة ص آية ٧٩.
1 / 36