فصل
فالمتعين على كل مسلم صرف همته وعزائم أمره إلى ربه ﵎، بالإقبال إليه والإتكال عليه، والقيام بحق العبودية لله ﷿، فإذا مات موحدًا شفع الله فيه نبيه.
بخلاف من أهمل ذلك وتركه، وارتكب ضده من الإقبال إلى غير الله بالتوكل عليه، ورجائه فيما لا يمكن وجوده إلا من عند الله، والالتجاء إلى ذلك الغير، مقبلًا على شفاعته متوكلًا عليها، طالبًا لها من النبي ﷺ أو غيره، راغبًا إليه فيها، تاركًا ما هو المطلوب المتعين عليه، من اخلاص للعبادة لله وطلب الشفاعة منه، فهذا بعينه فعل المشركين واعتقادهم، ولم تنشأ فتنة في الوجود إلا بهذا الاعتقاد.
ولهذا حسم جل وعلا مادة الشفاعة عن كل أحد بغير إذنه وحده، فلا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، لا ملك ولا نبي ولا غيرهما، لأن من شفع عند غيره بغير إذنه فهو شريك له في حصول ذلك المطلوب لتأثيره فيه بشفاعته، ولاسيما ان كانت من غير اذنه، فجعله يفعل ما طلب منه، والله تعالى لا شريك له بوجه من الوجوه، وكل من أعان غيره على أمر فقد شفعه فيه، والله تعالى وتر لا يشفعه أحد بوجه من الوجوه، ولهذا قال عز من قائل: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾
1 / 21