قديم غير مخلوق، كما ذكر "آلار" أن الأشعري كتب هذه الرسالة قبل تركه لمذهب المعتزلة بوقت قليل، ولم يكن قد قطع صلته نهائيًا بشيوخه المعتزلة.
ومع ذلك فقد قرر "آلار" بأنه يميل إلى القول بصحة نسبة هذه الرسالة للأشعري ويفسر التاريخ المذكور بأنه ربما ورد محرفًا وصوابه عام سبع وتسعين ومائتين.
وقد تعرضت الدكتورة فوقية١ لرأي "آلار"، وناقشته فيما ذهب إليه منه، وأزيد ذلك وضوحًا فأقول في الرد على النقاط التي ذكرها "آلار" ما يلي:
الأمر الأول: أن التاريخ المذكور في هذه الرسالة لعله من وضع أشعري متأخر يخالف عقيدة شيخه التي كان عليها، أو من وضع معتزلي أراد أن يموه على الناس وينفي هذه العقيدة عن الأشعري.
أما الاحتمال الذي ذكره "آلار" وهو أن التاريخ ورد محرفًا وصوابه عام سبع وتسعين ومائتين فلا أميل إليه؛ وذلك أن الأشعري لم يكن في هذه الفترة رجع إلى عقيدة السلف حتى يكتب فيها، ولم يكن وقتئذ مشهورًا كإمام من أئمة أهل السنة حتى يرسل إليه أهل باب الأبواب من مكان بعيد يسألونه عن أصول اعتقاد أهل السنة.
ووجود هذا التاريخ على الرسالة لا ينفي نسبتها إلى الأشعري لما يمكن أن يرد عليه من احتمالات، ثم إن ما ذكرته في صحة نسبتها إلى الأشعري يقطع بخطأ هذا التاريخ ويؤكد صحة نسبتها إليه.
الأمر الثاني: أما قول "آلار" بأن الرسالة لم يرد فيها إشارة إلى آراء المعتزلة، وعليه فليست من وضع الأشعري.
فأقول: إن الأشعري هنا في هذه الرسالة بالذات بعيد كل البعد عن الاحتكاك بالمعتزلة، أو الخوض معهم في مناقشات جدلية؛ وذلك أنه بصدد الإجابة على سؤال محدد وهو بيان اعتقاد أهل السنة، وعليه فلا داعي مطلقًا لإقحام المعتزلة هنا، كما أن في هذه الرسالة ردًا على آراء المعتزلة في العقيدة بإثبات عقيدة السلف أهل السنة والجماعة، وكان أحيانًا يدخل معهم في مناقشات كما جاء ذلك في الإجماع الثالث والخامس من هذه الرسالة.
_________
١ انظر: مقدمة تحقيقها لكتاب الإبانة ص٧١، ٧٢.
1 / 64