रिसाला इला अहल थुघ्र
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
अन्वेषक
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
प्रकाशक
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
संस्करण संख्या
١٤١٣هـ
प्रकाशक स्थान
المملكة العربية السعودية
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
كرهوا ما هم (عليه) ١ من الإعراض عن تأمل أدلة الله التي نبههم نبيه ﷺ عليها ودعاهم إلى تأملها لتأتى لهم ذلك وحصل لهم العلم به والقدرة عليه٢.
الإجماع السادس والعشرون
وأجمعوا على أن الإنسان لا يقدر بقدرة واحدة على مقدورين، كما أنه لا يعلم بعلم واحد يكتسبه شيئًا من تصرفه إلا بقدرة تخصه في حال وجوده؛ لأن التصرف لا يصح وجوده إلا بها، فلو وجد تصرفه مع عدم القدرة عليه لاستغنى في وجوده عنها، كما أنها٣ لو وجدت الحركة مع عدم محلها لاستغنت في الوجود عنه ولم تحتج إليه٤.
_________
١ ما بين المعقوفتين غير موجود في المخطوطتين والسياق يقتضيه.
٢ خلاصة ما ذكره ﵀ في هذا الإجماع هو ما سبق ذكره من أنه لا يخرج أحد من عباد الله عما قدره الله وقضاه، وأن العبد له اختيار فيما يفعل، فمن سلك طريق العلم الموصل إلى الإيمان بالله حدث له ذلك، ويكون هذا مما قدره الله له، ومن سلك طريق الجهل وصرف جهده إليه واشتغل به عن الإيمان بالله حدث له الكفر والشقاق، ويكون هذا مما قدره عليه، وسيأتي توضيح الأشعري لذلك أكثر في الإجماع السابع والعشرين، والمراد بالأدلة التي نبه رسول الله ﷺ عليها هي ما دعاهم القرآن إليها من التأمل في أنفسهم وفيما خلق الله ﷿ ليصلوا من خلال ذلك وبدعوة الرسول ﷺ إلى الإذعان لخالقهم والإيمان به، وترك الكفر المتلبسين به.
٣ في (ت) "أنه".
٤ مراد الأشعري هنا الرد على القدرية القائلين بأن القدرة لابد وأن تكون قبل الفعل، ولا يوجد للفعل قدرة تخصه عند القيام به. (انظر شرح أصول الخمسة ص٣٩١) .
كما ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وعقب عليه بقوله: "وبنوا ذلك على أصلهم الفاسد، وهو أن أقدار الله للمؤمن والكافر والبر والفاجر سواء، فلا يقولون إن الله خص المؤمن المطيع بإعانة حصل بها الإيمان". (انظر منهاج السنة النبوية ١/٣٧٠) .
أما مذهب أهل السنة والجماعة، فهو مذكور في كلام الأشعري السابق وفصله ابن تيمية بقوله: "جمهور أهل السنة يثبتون للعبد القدرة هي مناط الأمر والنهي، وهذه قد تكون قبل الفعل، لا يجب أن تكون معه ويقولون أيضًا: إن القدرة التي يكون بها الفعل لابد أن تكون مع الفعل لا يجوزون أن يوجد الفعل بقدرة معدومة ولا بإرادة معدومة، كما لا يوجد بفاعل معدوم، وأما القدرية فيزعمون أن القدرة لا تكون إلا قبل الفعل ومن قابلهم من المثبتة يقولون: لا تكون إلا مع الفعل، وقول الأئمة والجمهور هو الوسط، أنها لابد أن تكون معه، وقد تكون مع ذلك قبله، كقدرة المأمور العاصي، فإن تلك القدرة تكون مقدمة على الفعل بحيث تكون لمن لم يطع". (انظر منهاج السنة ١/٣٦٩) .
ويقول في موطن آخر: "والصواب الذي عليه أئمة الفقه والسنة أن القدرة نوعان: نوع مصحح للفعل يمكن معه الفعل والترك، وهذه هي التي يتعلق بها الأمر والنهي، فهذه تصلح للمطيع والعاصي وتكون قبل الفعل، وقد تبقى إلى حين الفعل إما بنفسها عند من يقول ببقاء الأعراض، وإما بتجدد أمثالها عند من يقول: إن الأعراض لا تبقى، وهذا قد يصلح للضدين وأمر الله لعباده مشروط بهذه الطاقة فلا يكلف الله من ليست معه هذه الطاقة ...، ولكن هذه الاستطاعة مع بقائها إلى حين الفعل لا تكفي في وجود الفعل، ولو كانت كافية لكان التارك كالفاعل، بل لابد من إحداث إعانة أخرى تقارن هذا، مثل جعل الفاعل مريدًا، فإن الفعل لا يتم إلا بقدرة وإرادة، والاستطاعة المقارنة للفعل تدخل فيها الإرادة الجازمة بخلاف المشروطة في التكليف، فإنه لا يشترط فيها الإرادة، فالله تعالى يأمر بالفعل من لا يريده، لكن لا يأمر به من أراده فعجز عنه، وهذا الفرقان هو فصل الخطاب في هذا الباب". (انظر منهاج السنة النبوية ١/٣٧٢، ٣٧٣، والموافقة ١/٣٩، ٤٠، وشرح الطحاوية ص٣٧٩) .
1 / 149