रिसाला इला अहल थुघ्र
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
अन्वेषक
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
प्रकाशक
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
संस्करण संख्या
١٤١٣هـ
प्रकाशक स्थान
المملكة العربية السعودية
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
ولقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ ١.
وقد بين ذلك ما روي عن النبي ﷺ في حديث القبضتين٢.
وحديث الصادق المصدوق عن عبد الله بن مسعود٣، وما قاله النبي ﷺ لعمر بن الخطاب - رضوان الله عليه - حين قال: يا رسول الله أرأيت ما نحن فيه٤ أمر قد فرغ منه، أم أمر مستأنف، فقال ﵇: بل أمر قد فرغ منه، قال عمر: ففيم العمل يا رسول الله؟ فقال رسول الله ﷺ "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" ٥ وغير ذلك مما جاء في الكتاب والسنة.
_________
١ سورة الأنبياء آية: (١٠١) .
يواصل الأشعري استدلاله بالقرآن الكريم على ما سبق أن ذكره في مقدمة هذا الإجماع، وهو استدلال صحيح يتفق مع ما ورد عن المفسرين في ذلك يقول ابن جرير: قال بعضهم: "عنى به كل من سبقت له من الله السعادة من خلقه أنه عن النار مبعد" (انظر تفسير الطبري ١٧/٩٦) .
ويقول ابن تيمية: "وأما قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ...﴾ فمن سبقت له من الله الحسنى فلابد أن يصير مؤمنًا تقيًا فمن لم يكن من المؤمنين لم يسبق له من الله حسنى، ولكن إذا سبقت للعبد من الله سابقة استعمله بالعمل الذي يصل به إلى تلك السابقة كمن سبق له من الله أن يولد له ولد، فلابد أن يطأ امرأة يحبلها، فإن الله سبحانه قدر الأسباب والمسببات فسبق منه هذا وهذا، فمن ظن أن أحدًا سبق له من الله حسنى بلا سبب فقد ضل، بل هو سبحانه ميسر الأسباب والمسببات، وهو قدر فيما مضى هذا وهذا". (انظر مجموع الفتاوى ٨/٢٦٦) .
٢ وردت أحاديث كثيرة في هذا المعنى عن رسول الله ﷺ منها ما أخرجه أحمد والحاكم عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن الله ﷿ خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره وقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي، قال: فقال قائل: يا رسول الله: فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر". (انظر المسند ٤/١٨٦، والمستدرك ١/٣١، وقال الحاكم بعد روايته: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي، وانظر مجمع الزوائد ٧/١٨٥، ١٨٦، وقال الألباني القدر وحديث القبضتين حق. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الأول ص٧٦) .
٣ عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: حدثنا رسول الله ﷺ، وهو الصادق المصدوق قال: إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكًا فيؤمر بأربع برزقه وأجله وشقي أو سعيد، فوالله إن أحدكم، أو الرجل يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير باع، أو ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع، أو ذراعين، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها". (انظر البخاري كتاب القدر باب ١ ج٧/ ٢١٠، ومسلم كتاب القدر باب ١ ج٤/٢٠٣٦، ومسند أحمد ١/٣٨٢، ٤٣٠) .
٤ ساقطة من (ت) .
٥ الحديث أخرجه الترمذي من رواية علي بن أبي طالب بهذا اللفظ، وقال عقبه: "هذا حديث حسن صحيح، وأخرج نحوه من حديث عمر وقال عقبه: وفي الباب عن علي وحذيفة بن أسيد وأنس وعمران بن حصين". (انظر سننه ٤/٤٤٥، وانظر البخاري كتاب التوحيد باب ٥٤ ج٨/ ٢١٥، وكتاب القدر باب ٤ ج٧/ ٢١٢، ومسند أحمد ١/٢٩، ٥٢) .
وقد ورد في معنى هذا الحديث أحاديث كثيرة، وكلها تفيد تقدم علم الله وكتابته للأشياء قبل كونها، وأن ذلك لا ينافي وجود الأعمال التي يقوم بها العبد فتحصل بسببها السعادة، أو الشقاوة، ولذلك نهي عن الاتكال وترك العمل. (انظر ذلك بتفصيل في مجموع الفتاوى ٨/٢٧٢- ٢٨٠) .
1 / 142