रिसाला इला अहल थुघ्र
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
अन्वेषक
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
प्रकाशक
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
संस्करण संख्या
١٤١٣هـ
प्रकाशक स्थान
المملكة العربية السعودية
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
الإجماع السادس عشر
وأجمعوا على أنه تعالى قد١ قدر جميع أفعال الخلق وآجالهم وأرزاقهم قبل خلقه لهم، وأثبت في اللوح المحفوظ جميع ما هو كائن منهم إلى يوم يبعثون٢، وقد دل (على) ٣ ذلك٤ بقوله: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾ ٥.
_________
١ ساقطة من (ت) .
٢ في (ت): "منهم يوم القيامة تبعثون".
٣ ما بين المعقوفتين من (ت) .
٤ ساقطة من (ت) .
٥ سورة القمر آية: (٥٢، ٥٣) .
ذهب أهل السنة إلى أن الله قدر جميع أفعال العباد خيرها وشرها وعلم ما هم صائرون إليه، وكتب كل ذلك في اللوح المحفوظ.
قال الإمام أحمد: "والقدر خيره وشره، وقليله وكثيره، وظاهره وباطنه وحلوه ومره، ومحبوبه ومكروهه، وحسنه وسيئه، وأوله وآخره من الله قضاء قضاه، وقدرًا قدره عليهم، لا يعدوا واحد منهم مشيئة الله ﷿ ولا يجاوز قضاءه، بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له، واقعون فيما قدر عليهم لا محالة، وهو عدل منه ربنا ﷿، والزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس، وأكل المال الحرام، والشرك بالله والمعاصي كلها بقضاء وقدر من غير أن يكون لأحد من الخلق على الله حجة، بل لله الحجة البالغة على خلقه...". (انظر رسالة السنة ص٦٨، ٦٩) .
وقال البخاري: "فأما أفعال العباد فقد حدثنا علي بن عبد الله، ثنا مروان بن معاوية، ثنا أبو مالك عن ربعي بن خراش عن حذيفة ﵁ قال: قال النبي ﷺ: "إن الله يخلق كل صانع وصنعته". وتلا بعضهم عند ذلك: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ فأخبر أن الصناعات وأهلها مخلوقة". (انظر كتاب خلق أفعال العباد ص١٣٧) .
كما بوب في الصحيح للمشيئة والإرادة، وذكر سبعة عشر حديثًا كلها في إثبات المشيئة العامة المطلقة لله تعالى. (انظر البخاري مع الفتح ١٣/٤٤٥) .
كما بوب لقوله تعالى: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ قال ابن حجر: "مراد البخاري بذلك بيان كون أفعال العباد بخلق الله تعالى، إذ لو كانت أفعالهم بخلقهم لكانوا أندادًا لله وشركاء له في الخلق، كما تضمنت الرد على الجهمية في قولهم: لا قدرة للعبد أصلًا، وعلى المعتزلة حيث قالوا: لا دخل لقدرة الله تعالى فيها". (انظر فتح الباري ١٣/٤٩١)، ويلاحظ من كلام ابن حجر أن الجهمية تقابل المعتزلة في هذه المسألة فهما طرفا نقيض فيها، ومع هذا فقد اتفقا على نفي الصفات الثابتة لله ﷿. كما رد الأشعري عليهم في كتابه الإبانة أيضًا (انظر ص٤٢، ٤٣) .
ويقول ابن تيمية: "ومما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها مع إيمانهم بالقضاء والقدر وأن الله خالق كل شيء، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وأن العباد لهم مشيئة وقدرة يفعلون بمشيئتهم وقدرتهم ما أقدرهم الله عليهم مع قولهم: "إن العباد لا يشاؤون إلا أن يشاء الله" (انظر مجموع الفتاوى ٨/٤٥٩) .
وبهذا الكلام الجامع من ابن تيمية تخرج الطوائف المنحرفة عن الحق في هذا الباب وهم: القدرية الأولى: الذين نفوا علم الله بالأشياء، وقالوا لا قدر والأمر أنف، هؤلاء نفوا علم الله بالأشياء وخلقه لها وقد سبق ذكر مقالتهم، انظر ص١٩٣، ١٩٤.
والقدرية الثانية: الذين أثبتوا العلم ونفوا أن يخلق الله، أو يريد أفعال العباد وهم المعتزلة، وهم بهذا يختلفون عن القدرية الأولى لإثباتهم العلم، ويتفقون معهم في نفي خلق الله لأفعال العباد.
والجبرية: الذين يقولون بأن العبد مجبور في جميع أفعاله كالريشة في الهواء. انظر تفصيل ذلك في الإبانة للأشعري ص٣٨- ٤٨، والمجلد الثاني من الفتاوى لابن تيمية، وشفاء العليل لابن القيم، وشرح الطحاوية ص٨٤- ٨٨، وجامع العلوم والحكم ٢٤، ٢٥، ١٨٢، ١٨٤، وشرح النووي على مسلم ج١/١٥٤، ولوامع الأنوار البهية للسفاريني ج١/٣٠٠، ٣٠١.
1 / 140