रिसाला इला अहल थुघ्र
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
अन्वेषक
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
प्रकाशक
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
संस्करण संख्या
١٤١٣هـ
प्रकाशक स्थान
المملكة العربية السعودية
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
الإجماع الحادي عشر
وأجمعوا على أن المؤمنين يرون الله ﷿ يوم القيامة بأعين وجوههم على ما أخبر به تعالى في قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ ١.
وقد بين معنى ذلك النبي ﷺ ودفع كل إشكال فيه بقوله للمؤمنين: "ترون ربكم عيانًا" ٢.
_________
١ سورة القيامة آية: (٢٢، ٢٣) .
وهاتان الآيتان نص في رؤية المؤمنين لربهم في الدار الآخرة، ولقد وردت روايات كثيرة عن أعلام المفسرين من السلف بذلك. (انظر تفسير الطبري ٢٩/١٩١- ١٩٣) .
ويذكر البيهقي وجه الدليل من الآية، ويبين أن لفظ "ناضرة" من النضرة بمعنى السرور، ولفظ "ناظرة" يحتمل في كلام العرب أربعة أشياء: نظر التفكر والاعتبار كقوله: ﴿أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾، ونظر الانتظار كقوله: ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾، ونظر التعطف والرحمة كقوله: ﴿وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ﴾، ونظر الرؤية كقوله: ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾، والثلاثة الأول غير مرادة أما الأول: فلأن الآخرة ليست بدار الاستدلال، وأما الثاني: فلأن في الانتظار تنغيصًا وتكديرًا، والآية خرجت مخرج الامتنان والبشارة، وأما الثالث: فلا يجوز، لأن المخلوق لا يتعطف على خالقه، فلم يبق إلا نظر الرؤية، وانضم إلى ذلك أن النظر إذا ذكر مع الوجه انصرف إلى نظر العينين اللتين في الوجه، لأنه هو الذي يتعدى "بإلى"، وإذا ثبت أن "ناظرة" بمعنى "رائية" اندفع قول من زعم أن المعنى: "ناظرة إلى ثواب ربها"، لأن الأصل عدم التقدير. (انظر الاعتقاد للبيهقي ص٤٥، ٤٦، وانظر أيضًا الرد على الجهمية للإمام أحمد ٤٤- ٤٦، والتوحيد لابن خزيمة ص١٨٠، والإبانة للأشعري ص١٢، ١٣، وحادي الأرواح لابن القيم ص٢٠٣) .
كما بوب البخاري في الصحيح مستدلًا على ثبوت الرؤية ووقوعها بهذه الآية، ثم تلاها بالأحاديث. (انظر كتاب التوحيد باب ٢٤ ج٨/١٧٦) .
وقد نص على إجماع السلف في هذه المسألة أيضًا الإمام أحمد في رسالة السنة. (انظر ص٧٦) .
وقال ابن أبي زمنين: "ومن قول أهل السنة أن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة، وأنه يحتجب عن الكفار والمشركين فلا يرونه، وقال ﷿: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ (انظر أصول السنة ورقة ٥/ ب) .
وقال ابن أبي شامة: "أطبق أهل السنة على أن الله تعالى يرى بالأبصار في الدار الآخرة خلافًا للمعتزلة، والدلائل السمعية دالة على حصول الرؤية" (انظر ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري ورقة ٢/ أ) .
وقال البغدادي: "وأجمع أهل السنة على أن الله تعالى يكون مرئيًا للمؤمنين في الآخرة" (انظر الفرق بين الفرق ص٣٣٥) .
وقال ابن القيم: "اتفق عليها الأنبياء والمرسلون، وجميع الصحابة والتابعون، وأئمة الإسلام على تتابع القرون، وأنكرها أهل البدع المارقون، والجهمية المتهوكون، والفرعونية المعطلون، والباطنية الذين هم من جميع الأديان منسلخون، والرافضة الذين هم بحبائل الشيطان متمسكون ومن حبل الله منقطعون، وعلى مسبة رسول الله ﷺ عاكفون..." (انظر حادي الأرواح ص١٩٦) .
٢ أخرجه البخاري في صحيحه عن جرير بن عبد الله قال: قال النبي ﷺ: "إنكم سترون ربكم عيانًا". (انظر كتاب التوحيد باب ٢٤ ج٨/١٧٦) .
1 / 134