रिसाला इला अहल थुघ्र
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
अन्वेषक
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
प्रकाशक
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
संस्करण संख्या
١٤١٣هـ
प्रकाशक स्थान
المملكة العربية السعودية
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
الإجماع الثاني
وأجمعوا على أنه ﷿ غير مشبه لشيء من العالم، وقد نبه الله ﷿ على ذلك بقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ ١.
_________
١ سورة الشورى آية: (١١) .
وتمامها ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ .
ولقد اتفق أهل السنة والجماعة على معنى هذه الآية، وآمنوا أن الله ﷾ لا يشبه أحدًا من خلقه.
قال أبو حنيفة: "لا يشبه شيئًا من الأشياء من خلقه، ولا يشبهه شيء من خلقه، لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته الذاتية والفعلية". (انظر الفقه الأكبر لأبي حنيفة ص١٥) .
وقال الطحاوي: "ولا شيء مثله". وعلق شارحه على ذلك بقوله: "اتفق أهل السنة على أن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله...". (شرح الطحاوي ص٣٨) .
ولقد ضل فريقان في هذا الباب أحدهما: الكرامية أتباع محمد بن كرام السجستاني. الذين شبهوا الله بخلقه، وأطلق عليهم الأشعري اسم المجسمة، وذكر أن أقوالهم بلغت ست عشرة مقالة. (انظر: مقالات الإسلاميين ١/٢٨١، والفرق بين الفرق ص٢١٦، ولوامع الأنوار البهية ١/٩١) .
ولقد سار في هذا الطريق أيضًا مقاتل بن سليمان وهشام بن الحكم قال ابن رجب: "وقد أنكر السلف على مقاتل قوله في رده على جهم بأدلة العقول، وبالغوا في الطعن عليه، ومنهم من استحل قتله، منهم مكي بن إبراهيم شيخ البخاري وغيره". (انظر فضل علم السلف على الخلف ص٨) .
والفريق الثاني: الجهمية النافون للأسماء والصفات ومن شاكلهم كالمعتزلة، وذلك لما قام في قلوبهم من رجس التشبيه.
قال الإمام أحمد عنهم: "إذا سألهم الناس عن قول الله تعالى: ﴿ليس كمثله شيء﴾ ما تفسيره؟ يقولون: ليس كمثله شيء من الأشياء وهو تحت الأرضين السبع كما هو على العرش لا يخلو منه مكان، ولا يكون في مكان دون مكان...". (انظر الرد على الجهمية والزنادقة ص ٢٨) .
وكلا الفريقين السابقين في بعد عن الصواب، أما سلف هذه الأمة فقالوا: إن الله موصوف بصفات الجلال والكمال، كما وصف نفسه، وأنه مع اتصافه بهذه الصفات لا يشبه شيئًا من المخلوقات، فكانوا في ذلك وسطًا بين المشبهة والمعطلة. (انظر: في ذلك شرح الطحاوية ص٣٩، ٥٨، ٤٦٦، ٤٤٧، وشرح العقيدة الواسطية ص٤٩) .
وقال نعيم بن حماد: "من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيهًا". (انظر مختصر العلو للذهبي ص١٨٤) .
وقد اختلف في إعراب الكاف في قوله تعالى: ﴿ليس كمثله شيء﴾ على وجوه ذكرها شارح الطحاوية ص٧٨، ٧٩، وتعرض لذلك الدكتور عبد الله دراز، ورجح أن الكاف أصلية وليست زائدة، وجودها ضروري وهادف من طريقين.
الطريق الأول: أن في وجود الكاف نفي المماثلة وما يشبهها أو يدنو منها.
الطريق الثاني: أنها نفت التشبيه وأقامت البرهان على نفيه، كأن الآية قالت: مثله تعالى لا يكون له مثل، تعني أن من كانت له تلك الصفات الحسنى وذلك المثل الأعلى لا يمكن أن يكون له شبيه، ولا يتسع الوجود لاثنين من جنسه. (باختصار وتصرف من كتابه النبأ العظيم ص١٣٢- ١٣٦) .
1 / 119