إن شبابا من شباب المسلمين سمعوه من [عامة] (¬1) المسلمين، فنطقوا به، وأقبل بعضهم يسأل عنه بعضا، حتى بلغ (¬2) ذلك إلى أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة (¬3) - رحمة الله عليه - بعض فتيان (¬4) المسلمين، /22ظ./ فاستفتاه عنه، فغضب عليه غضبا شديدا، ولا نظنه إلا أنه قد برئ منه، وقال له: «ليس هذا من كلام المسلمين، ولا أهل الدين والورع؛ هذا من كلام الشياطين». وأخرجه من منزله، وطرده (¬5) .
[استغاثة سهل بن صالح بحاجب الطائي]
فخرج من عنده، فاستغاث بحاجب (¬6) - رحمه الله -، فقال (¬7) له: «إني دخلت على أبي عبيدة، فسألته واستفتيته عن أمر تنازع فيه أهل قبلتنا ممن يفارقنا (¬8) ،
¬__________
(¬1) - طمس قدر كلمة، لعله: عامة.
(¬2) - يقال: بلغه الأمر إذا أوصله إليه، وبلغ عنه الرسالة إلى القوم: أوصلها إليهم، ومنه حديث: «بلغوا عني ولو آية».
(¬3) - هو أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي (ت ~ 145ه/) (انظر ملحق 1).
(¬4) - هم الفتيان الأربعة الذين خالفوا شيخهم: شعيب بن المعرف، وأبو المؤرج، وعبد الله بن عبد العزيز، وسهل بن صالح..
(¬5) - هذا يدل على شدة أبي عبيدة في الحق، ورد كل من أراد أن يحدث بدعة في الدين، أو أراد شق عصا المسلمين، أو إبداء رأي يعارض معلوما من الدين بالضرورة.
... ... ... انظر: *الراشدي: أبو عبيدة مسلم وفقهه، مبحث شدته في الحق، ص44.
(¬6) - هو أبو مودود حاجب بن مودود الطائي (ت قبيل 145ه) (انظر ملحق 1).
(¬7) - أي المستغيث بحاجب، وهو سهل بن صالح.
(¬8) - أهل القبلة: هم غير الإباضية. والمقصود هنا الخوارج الغلاة.
... والعبارة تحمل دلالة تاريخية على تباين آراء ومواقف الإباضية والخوارج في عهد النشأة، وقبل وفاة المؤسسين، خلافا لما يدعيه بعض المؤرخين.
पृष्ठ 14