وبهذا يظهر أنه فاعل بالاختيار لا موجب بالذات وذلك الشيء الذي ابتدأ الله الخلق به هو أول الحوادث فالقول بأنه ليس لها أول محال وتلبيس على الجهال
وإذا كان هذا هو قصد هؤلاء الأئمة أعني مخالفة من عطل الرب عن الفعل لا مخالفة من أثبت لله الفعل الاختياري واعتقد لازمه وهو وجوب تأخره عن وجود فاعله وعن مشيئته فمن قصد مخالفة هؤلاء الأئمة وقال بلزوم الفعل والمفعول أو بقدم شيء من العالم لزمه موافقة أولئك في التعطيل ونفي الاختيار والكفر وإلا لكان موافقا لهؤلاء الأئمة لا مخالفا
وإذا صرح بالاختيار قيل إنما قال ذلك خوفا وتقية فينبغي للعاقل إذا لم يوافق المعطلة في عقيدتهم أن لا يصرح بلفظ يدل على عقيدتهم ولذلك لم يصرح أحد من المسلمين من الصحابة فمن بعدهم إلى أواخر المئة السابعة بقدم شيء من العالم ومن نقل عن أحد منهم أنه صرح بقدم شيء من العالم فقد أعظم الفرية وإنما نقل التصريح بقدم شيء من العالم عن المعطلة إما للموجودات عن الرب أو للرب عن الفعل
पृष्ठ 33