أبوه فيه في مرض النبي (ص)، وعقد اللواء له بأمره وتأميره على المهاجرين والأنصار الذين منهم أبو بكر وصاحبه أقوى دلالة على عدم النص عليه بالإمامة، فإن النبي (ص) لو فرض إن الخصم ادعى عدم علمه بموته في ذلك المرض فلا أقل من إنه (ص) يظن ذلك ظنا قويا، فينبغي استثناء أبي بكر عن ذلك وإبقاء وصيه ومن نص عليه بالإمامة عنده، فعدم استثنائه له يقضي بعدم النص عليه البتة.
ودعوى إن أبا بكر لم يكن مأمورا من النبي (ص) بالمسير مع أسامة بل المأمور غيره. يكذبها ذكر أصحاب السير والتواريخ لذلك، وقد أخرج البلاذري في تأريخه، وهو المعروف بالوثاقة والضبط، وبرئ من الميل إلى الشيعة، إن أبا بكر وعمر كانا في جيش أسامة، ولعمري إن الإنكار لما يجري هذا المجرى لا يغني شيئا، وما ذاك ألا كمناقشات بعض علماء أهل السنة لما ضاق عليهم الخناق في دلالة حديث أسامة على عدم أهلية أبي بكر للخلافة، ودلالته على عصيانه لتأخره عن جيش أسامة مع أمر النبي (ص) بتنفيذه، فإنهم تفصوا عن ذلك طورا بأن الأمر لا يقتضي الفور فلا يلزم من التأخر العصيان. وجوابه في الأصول مفصلا ومحصله تحقق العصيان بمجرد المخالفة وإن لم نقل بأن الأمر للفور على ما حققناه في كتبنا الأصولية.
وأخرى بأن الخبر إن النبي (ص) خاطب أبا بكر بقوله (نفذوا جيش أسامة)، والمخاطب خارج، ونقل أبو الثنا الآلوسي تبعا لغيره عن قاضي القضاة ما نصه (إن خطابه (ص) بتنفيذ الجيش يلزم أن يكون متوجها إلى القائم بعده، لأنه من خطاب الأئمة، وهذا
पृष्ठ 35