مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا إن يكون لهم الخيرة من أمرهم (ولو زعم إنه قال ذلك عملا بما ورد من تصغير النفس، وكراهة مدح الإنسان نفسه، وإظهار عدم القابلية لنفسه أمر مستحسن.
لرددناه بأن مثل هذا المحل ليس من المقامات التي يستحسن فيها تصغير النفس، والحال إن الله سبحانه أمر بذلك والرسول بلغ.
والحاصل إن صدور هذا الكلام من أبي بكر رواه أكثر أهل السنة فلا ريب في صحته وهو لا يخل إما إن يكون على سبيل الحقيقة أو على تصغير النفس أو لبعض المصالح الباعثة على ذلك، وعلى كل حال فيه مخالفة للكتاب، وجرأة على الله ورسوله في مخالفة عما أمر الله به، أترى يصلح للنبي إن يقول أقيلوني من النبوة؟ فإن الإمامة أختها.
ولو عورض ذلك بصنع الأمير علي بن أبي طالب (ع) بعد قتل عثمان، فإنه امتنع من بيعة الناس يوما أو أياما، وذلك ينافي امتثال النص، فما يعتذر به عن هذا فهو بعينه يكون عذرا عن ذاك.
نقول في منعه بالفرق بين عدم قبول البيعة له وبين الاستقالة، لأن عدم القبول من الأمير - علي بن أبي طالب (ع) - قد يكون لمصالح أظهرها تأكيد الحجة عليهم، فما في ذلك مخالفة لله ورسوله، وأما الاستقالة فالمخالفة فيها ظاهرة.
ثالثها: إن النص على أبي بكر لو كان معلوما لما احتاج إلى الاجتماع في سقيفة بني ساعدة وانتهاز الفرصة والركون إلى من يعادي الأمير - علي بن أبي طالب (ع) - من معاذ بن جبل وخالد بن الوليد وغيرهما، وطلب المساعدة منهم، واغتنام الفرصة
पृष्ठ 33