بلزوم شئ على الله تعالى لأنه فاعل مختار وقادر فعال يفعل ما يريد لا يعترض عليه أحد في تدبيره، وحكمه في كل ما كان أو يكون بين الكاف والنون لا يسأل عن ما يفعل وهم يسألون، فلو بعث نبيا في زمان ولم يبعث في وقت أخر لا يقال الأول إنه حسن ولازم عليه ولا للثاني إنه قبيح وممتنع عليه، وكذلك نصب الوصي والإمام على فرض اشتماله على المصلحة حسبما تدعيه الإمامية فإنه ليس بلازم على الله تعالى إذ لا يمكن الحكم بوجوب شئ على الله تعالى لكي يتفرع عليه نصب الإمام، ومن هذه الجهة كان الدليل المز بور عقيما لا نتيجة له ولا يثبت هذه الدعوى. والجواب عن ذلك كله: - أولا: إن من المحقق الثابت في محله الذي لا يعتريه شوب الإشكال بالبراهين القطعية الحسن العقلي والقبح العقلي، ولا يمكن لمن له أدنى شعور إن ينكر قبح بعض الأشياء عند العقل بحيث إن فاعلها يستحق المؤاخذة والعقاب وحسنها كذلك بحيث إن فاعلها يستحق المدح والثواب، وعجبا أي عاقل لا يقبح الظلم المطلق، ومن الخالق أعظم، ولا يحسن العدل، ويجوز عذاب المطيع على الله تعالى بلا سبب وإعزاز المنكر له والكافر به.
والحاصل إن إنكار الحسن والقبح في الأشياء مما قضت البداهة ببطلانه، ولا يحتاج إلى تكلف الاستدلال عليه إذ مفاسده لا نهاية لها.
وثانيا: إن المنكرين للحسن والقبح من أهل السنة شرذمة قليلة في قبال المعترفين كيف وعلماء المعتزلة كلهم وكثير من غيرهم يقولون به ولا ينكرونه فدع عنك من مالت به الأهواء، وأدركه مرض الجهل وأعظم داء.
ولو زعموا إن الحسن والقبح بالوجوه والاعتبارات، فالحسن يتصف
पृष्ठ 29