لقلنا في الجواب إن الأمة لو علمت بمن أحرز شرط الإمامة، واحتاجت الرجوع إلى الإمام وجب عليهم من باب المقدمة الرجوع إليه في الشرعيات من دون حاجة إلى الأعلام الإلهي، وأما من تمرد وعاند منهم فهو معاقب كسائر العصاة المتمردين على الله بعد معلومية الحلال والحرام لديهم، ولا يجب على الله تعالى إلا الإعلام وإبداء الحجة وقطع الأعذار، وإن صدر أمر من الباري أو نهي من باب التأكيد فهو من باب الفضل والإحسان لا من باب الوجوب والحتم.
والجواب عن هذا الرد: - أولا: إن العلم والعدالة وأمثالهما من الصفات غير محسوسة، وإن كان لها أثار محسوسة يتوصل بها إلى العلم بغير المحسوس لكن حصول العلم بذلك موقوف على المعاشرة والمخالطة التامة فيختص بمن عاشر وخالط. وأما في حق غير المخالطين عمن شحطت دياره أو دنى ولم يخالط لا طريق يحصل له العلم منه إلا الاشتهار وهو لا يفيد إلا الظن، فإن حصول العلم من الاشتهار لا دائمي ولا غالبي. نعم يمكن أن يفيد العلم أحيانا لبعض الناس كما إنه قد لا يفيدهما حتى اشتهر (كم من مشهور لا أصل له)، ولو قلنا بإفادته العلم غالبا أيضا لا يكفي، فإن من لم يحصل له العلم منه معذور في المخالفة لعدم قيام الحجة عليه، فما حال من لم يحصل له الظن فإنه معذور بالأولوية القطعية فلا يعاقب من لم يحصل له العلم مطلقا على عدم الرجوع في الشرعيات وغيرها إلى الذي أحرز تلك الخصال.
وقد يدعي إنه لا تفيد تلك الآثار المحسوسة بعد المعاشرة إلا الظن، لأن حصول العلم من تلك الآثار راجع إلى قرائن الأحوال وشاهد الحال، ومن الواضح إن شاهد الحال يختلف باختلاف الأشخاص
पृष्ठ 25