الحكم بعدم إرادته لذلك، ولا يعقل القول بأن إرادة ذلك مع عدم النصب يجتمعان، إذ ذلك أمر لا يمكن اجتماعه في المخلوق فضلا عن الخالق.
ولو ادعى الخصم بأن التغيير والتبديل من لوازم الاجتهاد، والاجتهاد واقع في عصر النبي (ص)، ومعمول به بالبداهة واعتقاد أهل السنة على جواز اجتهاد الرسول في الجزئيات، فكيف بسفرائه وأمنائه في الأصقاع والبلدان؟ ومنه يظهر إن التأبيد المذكور في الخبر لحرامه وحلاله يجتمع مع التغيير والتبديل الاجتهادي، ولا منافاة بينهما، فالمراد بالتأبيد بقاء الكتاب المجيد والأخبار المتواترة والفروع الضرورية. وأما غيرها من الجزئيات يرجع فيها من له قابلية الاجتهاد إليه في جميع الأعصار من العلماء وحفظة الأحاديث.
والحاصل إن أحكام الله تطلب وتراد من الأمة في الأزمنة المتأخرة على نحو ما كانت تطلب في عهد النبي (ص)، فكما إنها في زمانه مستغنية عن حافظ معصوم كذلك في باقي الأعصار، وإرادة أكثر من ذلك لا دليل عليه بل في ملاحظة حال السلف وحال أهل عصر النبي أقوى دليل على ذلك. لأجبناه: - أولا: إنا ننكر اجتهاد النبي (ص) في جزئيات الأحكام وننكر معلومية ذلك في الأمة، وجريان العمل عليه، فإن القول بذلك خلاف قوله تعالى (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى (وغير ذلك مما يفيد مفاد الآية.
وأما رسله وسفراؤه في الأصقاع فمن الممكن المحتمل إنهم
पृष्ठ 19