[الخطبة]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
[المتن]
أخبرنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري
पृष्ठ 3
رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن همام (1) بن سهيل (2) رحمة الله عليه قال حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور (3) قال حدثني أبي (4) وكان عالما بأبي الحسن علي بن
पृष्ठ 4
موسى الرضا (صلوات الله عليه) خاصا به ملازما لخدمته وكان معه حين حمل من المدينة إلى المأمون (1) إلى خراسان (2) واستشهد(ع)بطوس (3) وهو ابن تسع وأربعين سنة قال كان المأمون بنيسابور (4) وفي مجلسه سيدي أبو الحسن الرضا(ع)وجماعة من الفلاسفة
पृष्ठ 5
والمتطببين مثل يوحنا بن ماسويه (1) وجبرائيل بن بختيشوع (2) وصالح بن بهلمة الهندي (3) وغيرهم من متحلي العلوم وذوي البحث والنظر
पृष्ठ 6
فجرى ذكر الطب وما فيه صلاح الأجسام وقوامها فأغرق المأمون ومن كان بحضرته في الكلام وتغلغلوا في علم ذلك وكيف ركب الله تعالى هذا الجسد وجمع فيه هذه الأشياء المتضادة من الطبائع الأربع ومضار الأغذية ومنافعها وما يلحق الأجسام من مضارها من العلل قال وأبو الحسن(ع)ساكت لا يتكلم في شيء من ذلك فقال له المأمون ما تقول يا أبا الحسن في هذا الأمر الذي نحن فيه منذ اليوم فقد كبر علي وهو الذي لا بد منه ومعرفة هذه الأغذية النافع منها والضار وتدبير الجسد فقال له أبو الحسن(ع)عندي من ذلك ما جربته وعرفت صحته بالاختبار ومرور الأيام مع ما وقفني عليه من مضى من السلف مما لا يسع الإنسان جهله ولا يعذر في تركه وأنا أجمع ذلك لأمير
पृष्ठ 7
المؤمنين (1) مع ما يقاربه مما يحتاج إلى معرفته قال وعاجل المأمون الخروج إلى بلخ (2) وتخلف عنه أبو الحسن(ع)فكتب المأمون إليه كتابا يتنجز ما كان ذكره له مما يحتاج إلى معرفته على ما سمعه وجربه من الأطعمة والأشربة (3) وأخذ الأدوية والفصد (4) والحجامة (5) والسواك والحمام والنورة والتدبير في ذلك فكتب إليه أبو الحسن(ع)كتابا هذه نسخته (6)
पृष्ठ 8
بسم الله الرحمن الرحيم
اعتصمت بالله أما بعد فإنه وصل كتاب أمير المؤمنين فيما أمرني به من توقيفه على ما يحتاج إليه مما جربته وسمعته في الأطعمة والأشربة وأخذ الأدوية والفصد والحجامة والحمام والنورة والباه وغير ذلك مما يدبر استقامة أمر الجسد به وقد فسرت لأمير المؤمنين (1) ما يحتاج إليه وشرحت له ما يعمل عليه من تدبير مطعمه ومشربه وأخذه
पृष्ठ 9
الدواء وفصده وحجامته وباهه وغير ذلك مما يحتاج إليه في سياسة جسمه وبالله التوفيق (1) اعلم يا أمير المؤمنين (2) أن الله عز وجل لم يبتل البدن بداء حتى جعل له دواء يعالج به ولكل صنف من الداء صنف من الدواء وتدبير ونعت وذلك أن هذه الأجسام أسست على مثال الملك
पृष्ठ 10
فملك الجسد هو ما في (1) القلب والعمال العروق في الأوصال (2) والدماغ وبيت الملك قلبه (3) وأرضه الجسد والأعوان يداه ورجلاه وعيناه وشفتاه ولسانه وأذناه (4) وخزائنه معدته وبطنه وحجابه وصدره فاليدان عونان يقربان ويبعدان ويعملان على ما يوحي إليها الملك والرجلان ينقلان الملك (5) حيث يشاء والعينان يدلانه على ما يغيب عنه لأن الملك وراء حجاب لا يوصل إليه إلا بإذن وهما سراجاه أيضا وحصن الجسد وحرزه الأذنان لا يدخلان على
पृष्ठ 11
الملك إلا ما يوافقه لأنهما لا يقدران أن يدخلا شيئا حتى يوحي الملك إليهما أطرق الملك منصتا لهما حتى يعي منهما ثم يجيب بما يريد نادا منه (1) ريح الفؤاد وبخار المعدة ومعونة الشفتين وليس للشفتين قوة إلا بإنشاء اللسان (2) وليس يستغني بعضها عن بعض والكلام لا يحسن إلا بترجيعه في الأنف لأن الأنف يزين الكلام كما يزين النافخ المزمار وكذلك المنخران هما ثقبا الأنف والأنف يدخل على الملك (3) مما يحب من الروائح الطيبة فإذا جاء ريح يسوء أوحى الملك إلى اليدين فحجبت بين الملك وبين تلك الروائح وللملك مع هذا ثواب وعذاب فعذابه أشد من
पृष्ठ 12
عذاب الملوك الظاهرة القادرة في الدنيا وثوابه أفضل من ثوابها فأما عذابه فالحزن وأما ثوابه فالفرح وأصل الحزن في الطحال وأصل الفرح في الثرب (1) والكليتين وفيهما عرقان موصلان في الوجه فمن هناك يظهر الفرح والحزن فترى تباشيرهما في الوجه وهذه العروق كلها طرق من العمال إلى الملك (2) ومن الملك إلى العمال وتصديق ذلك إذا تناول الدواء أدته العروق إلى موضع الداء.
واعلم يا أمير المؤمنين (3) أن الجسد بمنزلة الأرض الطيبة الخراب إن تعوهدت بالعمارة والسقي
पृष्ठ 13
من حيث لا تزداد من الماء فتغرق ولا تنقص منه فتعطش دامت عمارتها وكثر ريعها وزكا زرعها وإن تغافلت عنها فسدت ونبت فيها العشب والجسد بهذه المنزلة والتدبير في الأغذية والأشربة (1) يصلح ويصح وتزكو العافية فيه وانظر يا أمير المؤمنين ما يوافقك و(2) ما يوافق معدتك ويقوى عليه بدنك ويستمرئه من الطعام والشراب (3) فقدره لنفسك واجعله غذاك.
واعلم يا أمير المؤمنين أن كل واحدة من هذه الطبائع تحب ما يشاكلها فاتخذ ما يشاكل جسدك ومن أخذ الطعام زيادة الإبان (4) لم يفده ومن أخذ بقدر لا زيادة
पृष्ठ 14
عليه ولا نقص غذاه ونفعه وكذلك الماء فسبيلك (1) أن تأخذ من الطعام من كل صنف منه في إبانه (2) وارفع يدك من الطعام وبك إليه بعض القرم (3) فإنه أصح لبدنك وأذكى لعقلك وأخف على نفسك إن شاء الله ثم كل يا أمير المؤمنين البارد في الصيف والحار في الشتاء والمعتدل في الفصلين على قدر قوتك وشهوتك وابدأ في أول طعامك بأخف الأغذية الذي تغذي بها بدنك بقدر عادتك وبحسب وطنك (4) ونشاطك وزمانك والذي يجب أن يكون أكلك في كل يوم، عند ما
पृष्ठ 15
يمضي من النهار ثمان ساعات، أكلة واحدة (1) أو ثلاث أكلات في يومين (2) تتغذى باكرا في أول يوم ثم تتعشى فإذا كان في اليوم الثاني عند مضي (3) ثمان ساعات من النهار أكلت أكلة واحدة ولم تحتج إلى العشاء (4) وليكن ذلك بقدر لا يزيد ولا ينقص وتكف عن الطعام وأنت مشته له (5) وليكن شرابك على أثر طعامك من هذا الشراب الصافي المعتق مما يحل
पृष्ठ 16
شربه (1)
पृष्ठ 17
صفة الشراب (1) يؤخذ من الزبيب (2) المنقى عشرة أرطال فيغسل وينقع في ماء صافي [صاف غمره وزيادة عليه أربعة أصابع
पृष्ठ 21
ويترك في إنائه ذلك ثلاثة أيام في الشتاء وفي الصيف يوما وليلة ثم يجعل في قدر نظيفة وليكن الماء ماء السماء (1) إن قدر عليه وإلا فمن الماء العذب الصافي الذي يكون ينبوعه من ناحية المشرق ماء أبيضا [أبيض براقا خفيفا وهو القابل لما يعترضه على سرعة من السخونة والبرودة وتلك الدلالة على خفة الماء (2) ويطبخ حتى ينتفخ الزبيب ثم يعصر ويصفى ماؤه ويبرد ثم يرد إلى القدر ثانيا ويؤخذ مقداره بعود ويغلى بنار لينة غليانا رقيقا حتى يمضي ثلثاه ويبقى ثلثه ثم يؤخذ من العسل المصفى رطل (3) فيلقى عليه
पृष्ठ 22
ويؤخذ مقدار الماء مقداره ومقداره من القدر (1) ويغلى حتى يذهب قدر العسل ويعود إلى حده ويؤخذ صفيقة (2) فتجعل فيها من الزنجبيل (3) وزن درهم (4) ومن القرنفل (5) وزن درهم ومن الدارصيني (6)
पृष्ठ 23
وزن نصف درهم (1) ومن الزعفران (2) وزن درهم ومن السنبل (3) وزن نصف درهم ومن العود (4) الني (5) وزن نصف درهم (6) ومن المصطكى (7) وزن نصف
पृष्ठ 24
درهم بعد أن يسحق كل صنف من هذه الأصناف وحده وينخل ويجعل في الخرقة ويشد بخيط شدا جيدا ويكون للخيط طرف طويل تعلق به الخرقة المصرورة في عود معارض به على القدر ويكون ألقي هذه الصرة في القدر في الوقت الذي يلقى فيه العسل ثم تمرس الخرقة ساعة فساعة لينزل ما فيها قليلا قليلا ويغلى إلى أن يعود إلى حاله ويذهب زيادة العسل وليكن النار لينة ثم يصفى ويبرد ويترك في إنائه ثلاثة أشهر مختوما عليه لا يفتح فإذا بلغت المدة فاشربه والشربة منه قدر أوقية (1) بأوقيتين ماء (2) فإذا أكلت يا أمير المؤمنين كما وصفت لك من قدر
पृष्ठ 25