فصل
وقول القائل: إن الضحك خفة روح، ليس بصحيح، وإن كان ذلك قد يقارنه.
ثم قول القائل: [خفة الروح]: إن أراد به وصفًا مذمومًا فهذا يكون لما لا ينبغي أن يضحك منه، وإلا فالضحك في موضعه المناسب له صفة مدح وكمال، وإذا قدر حيان؛ أحدهما: يضْحَك مما يُضْحَك منه، والآخر: لا يضحك قط، كان الأول أكمل من الثاني.
ولهذا قال النبي ﷺ: " ينظر إليكم الرب قَنِطِين، فيظل يضحك، يعلم أن فَرَجَكُم قريب "، فقال له أبو رَزِين العُقَيْلِي: يا رسول الله، أو يضحك الرب؟ ! قال: " نعم " قال: لن نعدم من رب يضحك خيرًا. فجعل الأعرابي العاقل بصحة فطرته ضحكه دليلًا على إحسانه وإنعامه؛ فدل على أن هذا الوصف مقرون بالإحسان المحمود، وأنه من صفات الكمال، والشخص العَبُوس الذي لا يضحك فط هو مذموم بذلك، وقد قيل في اليوم الشديد العذاب: إنه ﴿يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا﴾ [الإنسان: ١٠] .
وقد روى: أن الملائكة قالت لآدم: " حَيَّاك الله وبَيَّاك " أي: أضحكك.
1 / 55