والحمص وعشرة أحمال من الخطب وأوقيتان من شمع العسل ، كما أجرى على الإئمة والمؤذنين راتبا ... ولجميع أقاليم مصر ثمانون كشافا وفى دواوينهم يبسط كل يوم سماط فى الصباح وسماط فى المساء وذلك من المال السلطانى ، كما أن بكوات الشراكسة ومائة من رؤساء الفرق بعد سماطهم ، يبسطون الموائد للعوام والخواص ، وفى كل وقت من أوقات الطعام تقرع الطبول لينبه جميع الجياع. وجعل ذلك قانونا ، ودامت هذه النعمة ، وما كانت مثل هذه النعمة فى بلاد سلطان آخر ، وبعد ذلك لم يصدر قانون سلطانى.
وهكذا يتبين مما سبق نبل وعظمة هدف العثمانيين من دخول مصر فحدده السلطان سليم بأنه لخدمة الإسلام حيث جعل كل خيراتها وقفا لله تعالى.
وشهد الناس فى ظل حكمه عطف ورعاية لا مثيل لها حيث نراه يأمر كاشفى الأقاليم بعمل أسمطة صباحا ومساء لإطعاء الناس ، ولجدية الأمر يأمر بأن تقرع الطبول لينبه جميع الجياع.
ولم يقف الأمر عند ذلك الحد ، بل إن مصر شهدت ازدهارا اقتصاديا فى ظل حكم العثمانيين كما يتبين لنا ذلك من الرحلة ، وتبين ذلك أيضا من طبيعة النشاط الاقتصادى وكثرة الحرف والدكاكين والوكالات والصناعات.
كما شهد الناس نوعا من الرغد والرفاهية فالمستشفيات تعمل مجانا والمبررات توزع طعامها ليلا ونهارا مجانا ، والاحتفالات كثيرة ومتعددة مما يدل على نوع من الراحة والاستقرار وإن كان ذلك فى الفترة التى عاشها أوليا جلبى فى مصر. إلا أنها كشف عن الكثير من إيجابات الحكم العثمانى فى مصر.
* تقويم رحلة أوليا جلبى
فى أوليا جلبى كثير من الصفات الجليلة أولها القدرة على تحمل المشاق والصبر عليها ، وقد أوردنا جزءا يسيرا فى أمثلة سابقة من هذه المشاق ، والرحلة بها غير هذه الأمثلة ، عشرات الأمثلة.
पृष्ठ 32