नूबा के समय में यात्रा
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
शैलियों
ونعود مرة أخرى إلى تجربتنا في كلابشة، فبعد العشاء الفاخر والمرطبات في عائمة هوختيف، استمتع كل منا بحمام مريح غسلنا فيه عرق أمس، ونستعد به للعرق الذي سيتلو ذلك لفترة طويلة، فالاستحمام في ماء النيل هو لمن يعرف السباحة وفي خلال أشهر التخزين، أما في خلال الفيضان فإن الماء ملبد بالكثير من الطمي؛ مما يجعل المستحم يحتاج إلى حمام ماء نظيف!
وفي الصباح الباكر قمنا بجولة أخرى في المعبد، بينما أخذ الميكانيكي المصري الذي يعمل مع هوختيف في محاولة إصلاح المحرك الثاني لقاربنا، وعندما عدنا من جولتنا قال الميكانيكي إنه لا فائدة من الإصلاح؛ لأن المحرك ينقصه قضيب صغير من الصلب ينقل الحركة إلى المروحة، وإن هذا القضيب يجب أن يكون أصليا أو يصنع في أسوان، وقد بحث في أدراجه فلم يجد غير قضبان حديدة قابلة للانثناء أو الانكسار تحت قوة الحركة، وكنا قد لاحظنا أن حقيبة الآلات المزود بها القارب يوجد بها علاوة على مروحة إضافية قطع غيار أخرى، وأخذنا نفرغ المحتويات أمام الميكانيكي عله يجد بغيته، لكنه كان يهز رأسه بالنفي ويقول لنا: هذه غيار لكذا وتلك لكذا! وأخيرا عثرنا على كيس صغير به عدد من القضبان والمسامير، قال أولا ليست هي، ثم هز رأسه وأمسك أحد القضبان ووضعه أمامه، ثم أتى بالقطع الثلاث التي تكون القضيب المكسور ووضعها بترتيبها في موازاة القضيب الذي كان بالكيس، ودقق النظر، ثم أخرج كل القضبان من الكيس ووضعها كلها بموازاة بعضها وابتسم ابتسامة كبيرة وصاح هذا هو المطلوب، عليكم أن تحافظوا على هذه القضبان جيدا؛ لأنها روح المروحة. وبرغم أن القضيب من الصلب إلا أنه قابل للكسر إذا غير السائق مسار الحركة من أمام إلى الخلف مرة واحدة، أو إذا حدث ضغط مفاجئ يوقف حركة المروحة مرة واحدة. وشرح لنا عمليا تغيير القضيب المكسور، فإذا به عمل غير معقد، وفرحنا كثيرا حين دارت مروحة المحرك الثاني، وشعرنا أننا في أمان أكثر بوجود محركين عاملين.
وبعد الإفطار كان الميكانيكي قد ثبت الأسلاك التي تربط الدفة بعجلة القيادة، لكنه قال لنا محذرا: لم أتمكن من ربطها على الوجه الصحيح، وقد أصبحت إدارة العجلة معكوسة لما هو مألوف، فلو أردت أن تدير القارب إلى اليمين لا تدر العجلة يمينا بل إلى اليسار، وهكذا. ثم قام بتجربة قصيرة على سطح الماء للمحركين معا.
وفي التاسعة والنصف صباحا شكرنا الميكانيكي والهر أندورف وزملاءه، وتمنوا لنا السلامة.
الفصل السادس
من كلابشة إلى قرشة
تجاربنا الفاشلة في التكيف مع البيئة. ***
جلس رياض في مقعد القيادة ودارت المحركات، وأراد أن يدور بالقارب صوب الجنوب، لكنه أدار العجلة يمينا فإذا «لندا» تتجه صوب العائمات، لكنه أسرع بالعجلة يسارا وسار القارب ميمما الجنوب، ثم أراد أن ينحرف يسارا إلى داخل النهر فاتجه يمينا، وفزعنا لكنه عدل الوضع بسرعة، وهكذا سار في خط متعرج لبضع دقائق، ثم سارت الأمور على ما نشتهي، وحينما عدنا إلى عائمات كلابشة في نهاية رحلتنا قال أندورف ضاحكا: رأيتكم تتجهون شمالا ثم جنوبا ثم غربا ثم جنوبا، فلم أدر أي اتجاه تريدون، كأنما كنتم مترددين أن تغامروا جنوبا، أو أن القارب لم يكن يريد ذلك.
وبعد ساعة أو نحوها مررنا بمحطة أبوهور النهرية، وكل من سافر على باخرة البوستة وظل مستيقظا حتى وقت متأخر قليلا كان يشاهد منظرا فريدا في أبوهور، فالبوستة ترسو عند حاجز صخري أمام الفانوس الأحمر الذي يرشد الباخرة إلى مكان الرسو ليلا، وبجوار الفانوس ترتفع الأرض إلى اليمين مباشرة في انحدار شديد يأخذ صورة أسطوانية ضخمة، وتنتهي هذه الأسطوانة ببروز صخري كأنما هو تاج أحد أعمدة الكرنك، لكن بصورة مضخمة عدة مرات، وفوق هذا البروز بنى السكان سورا صغيرا من الحجر يقي الصاعد والنازل من السقوط، وإذا رفع المسافر عينه إلى أعلى يجد عشرات العيون تحملق إلى أسفل عند مدخل الباخرة ترقب عزيزا راحلا أو عزيزا قادما، إنها عيون نساء أبوهور اللاتي لا يجرؤن على الظهور أسفل المنحدر لسببين: ضيق المنحدر، والاحتشام الذي تبديه نساء النوبة بصفة عامة.
وفي إحدى المرات كان هناك عريس قادم إلى أبوهور، وكان المنظر ساحرا لدرجة تقصر عن وصفها الكلمات، فعلى الضوء الكهربائي المنبعث من كشاف السفينة، وضوء الفانوس الأحمر الخافت، وأضواء عشرات الفوانيس التي يحملها الناس دائما في تنقلهم داخل النجوع ليلا ووسط الزعاريد الطويلة الحادة؛ صعد العريس الشاب المنحدر بين عشرات الجلابيب البيضاء، وتحركت أضواء الفوانيس مع الموكب البهيج صاعدة إلى أعلى، ثم تلاشت الأنوار وخفت الزغاريد، ودار محرك البوستة.
अज्ञात पृष्ठ