ज़की नजीब महमूद के विचारों में एक यात्रा
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
शैलियों
وإذا أردنا أن نقدم نماذج لهذه الأفكار التي قام أستاذنا الكبير بتحليلها لوجدنا أنها كثيرة كثرة لافتة للنظر؛ ولهذا فلا مندوحة لنا عن تقسيمها إلى مجموعات ثم نقدم من كل مجموعة أمثلة قليلة.
المجموعة الأولى: أفكار سياسية (أ) المثقف الثوري
في الستينيات ظهر تعبير «المثقف الثوري»، وشاع على أقلام الكتاب، وكان على مفكرنا الكبير أن يطرح على نفسه هذا السؤال: «متى يكون المثقف مثقفا وكفى، ومتى يكون مثقفا وثوريا معا؟!» ويجيب من خلال منظورين «للإسراء والمعراج». أما الأول فهو حديث للرسول الكريم أورده ابن عربي، يقول فيه: «ما ابتلي أحد من الأنبياء بمثل ما ابتليت به»، مشيرا بذلك إلى رجوعه من حالة الرؤية (رؤية الحق)، إلى دنيا الناس؛ ليخاطب فيهم من ضل ليهديه سواء السبيل، والمنظور الثاني: حديث لواحد من الصوفية يقل: «صعد محمد النبي العربي إلى السموات العلا، ثم رجع إلى الأرض، قسما بربي لو بلغت هذا المقام لما عدت أبدا ...» ونحن هنا أمام نمطين مختلفين من الوعي: الأول تتميز به حالة النبوة، والآخر حالة المتصوف الذي يشاهد «الحق»، ويتمنى ألا يعود إلى الناس، فإذا عاد كانت عودته غير ذات نفع كبير؛ لأنه سيحصر نفسه في ذاته منتشيا بما قد شاهد.
50
وها نحن أمام رجلين: رجل يرى الحق فتكفيه الرؤية، ورجل يرى الحق فلا يستريح له جنب حتى يغير الحياة وفق ما رأى، ولست أرى ما يمنع من التوسع في التطبيق، بحيث نجعلها تفرقة بين المثقف الذي ينعم بثقافته، ثم لا يغير من مجرى الحياة شيئا. والمثقف الذي لا ينعم بثقافته إلا إذا استخدمها أداة لتغيير الحياة من حوله، وفي هذه الحالة الثانية يكون المثقف مثقفا وثائرا معا ...»
51
لكن ذلك يحتاج إلى تحديد أكثر: فصفة «الثورية» حين تضاف إلى المثقف، أكثر انطباقا على ميدان العلوم الإنسانية منها على ميدان العلوم الطبيعية، فلا يجوز أن يقال عن عالم الرياضة الذي درسها وطبقها في بناء الجسور أنه مثقف ثوري؛ لأنه طبق ما تعلم ... كلا! فالتفرقة مقصورة على أصحاب الثقافة الإنسانية؛ لأنها هي التي تشمل القيم، والقيم هي التي يصيبها التغير، حين يقال إن ثورة قامت فغيرت وجه الحياة.
52
لكن هذا التحديد لا يزال غير كاف؛ لأن الذي يغير وجه الحياة قد يغيرها إلى الوراء، لا دافعا بها إلى الأمام، في حين أن الثورية تضاف إلى المثقف الذي يدفع بالحياة إلى الأمام، في مقابل «الرجعية» لمن يريد أن يرد الحياة إلى الوراء. غير أن الدقة تحتم علينا أن نفهم معنى «الأمام» و«الوراء»؛ لأنها لا تكون مفهومة إلا بالنسبة لهدف معلوم. وهكذا نستطيع أن نحدد «المثقف الثوري» تحديدا أكثر دقة، بقولنا أنه من أدرك مثلا جديدة للحياة الإنسانية، وحاول تغيير الحياة وفقا لها، شريطة أن يجيء هذا التغيير في الاتجاه الذي يسير فيه التاريخ، بحيث تتسع الرقعة البشرية التي تتمتع بما كان مقصورا على القلة، من جوانب القوة والحرية والعلم وسائر أوجه الكمال.
53
अज्ञात पृष्ठ