ज़की नजीब महमूद के विचारों में एक यात्रा
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
शैलियों
10
ولا سيما وأن كل من تتلمذ على يديه لم يستطع أن يفلت من سيطرته القوية على عقول الشباب منذ اللحظة التي بدأ فيها التدريس بالجامعة، فهذا واحد من ألمع مفكرينا يصف تأثيره عليه عندما كان تلميذا له في أواخر الأربعينيات فيقول: «الحق أن أصدق وصف ينطبق على التأثير العميق الذي تركه أستاذنا في تلاميذه، هو ذلك الذي أطلقه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط على التغيير، الذي أحدثته في عقله كتابات فيلسوف إنجلترا الأكبر: ديفيد هيوم، وذلك حين قال: لقد أيقظني هيوم من سبات اليقين الجازم الذي لا يتشكك في شيء. ولقد كان هذا بعينه هو ما أحدثته محاضرات الدكتور زكي في عقولنا، ونحن في منتصف تعليمنا الجامعي ...»
11
معنى ذلك أن أثره في تلاميذه كان قويا وعارما: «فمن وراء مظهره الهادئ وصوته الخفيض إعصار مدمر ...!»
12
وتلك شهادة يعلنها تلاميذه في كل مكان، فلو أنه أراد أن يكون مدرسة، كما يقول أصحاب النقد المتسرع، لوجد من تلاميذه من يؤلف ومن يترجم، ومن ينقل الوضعية المنطقية بشتى زواياها وأبعادها إلى الثقافة العربية، لكنه لم يفعل بل كانت معظم الرسائل الأكاديمية التي أشرف عليها إبان أستاذيته بالجامعة، تدور حول موضوعات فكرية لا علاقة لها بالوضعية المنطقية! ...
13
وهذا يدل على أن اهتمامه بهذا المذهب كان لأسباب تنويرية في المقام الأول؛ فهو من المذاهب التي شنت حربا لا هوادة فيها على الخرافة، وهو من أقرب المذاهب إلى العلم والتفكير العلمي، هو في النهاية منهج، لا يتقيد، بمضمون معين.
ولعل سوء الفهم الواسع لفكر هذا الرجل، وما ترتب عليه من نظرات ضيقة تعدت تماما عن تقديره تقديرا سليما، هو الذي اضطره إلى أن يعلن أكثر من مرة توضيحا لموقفه، للذين لم يفهموا الدور الذي يريد للوضعية المنطقية أن تقوم به فيقول: «لقد كنت لسنوات طوال مخطئا بين مخطئين؛ لأنني كنت بدوري أتعصب لتيار فلسفي معين، على ظن مني بأن الأخذ به يقتضي رفض التيارات الأخرى، لكني اليوم، مع إيماني السابق بأولوية فلسفة التحليل على ما عداها من فلسفات عصرنا، أومن كذلك بأن الأمر بين هذه الاتجاهات الفلسفية إنما هو أمر تكامل في نهاية الشوط.»
14
अज्ञात पृष्ठ