ज़की नजीब महमूद के विचारों में एक यात्रा
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
शैलियों
إن الآلام والأفراح لا تكون إلا داخل نفوس أصحابها، وكذلك يكون الحب وتكون الكراهية، وكل عاطفة إنسانية أخرى، فماذا يريد أصحاب الأدب العلمي أن نصنع بالعواطف إذا هممنا بكتابة الأدب؟
ثانيا: النقد الأدبي
هناك مدارس كثيرة في النقد الأدبي يحسن أن نسوق عنها كلمة لتعرف أين يقف مفكرنا من هذه المدارس.
116
فافرض أن أمامنا ديوان شعر أخرجته المطابع وراح النقاد يعالجونه كل على طريقته الخاصة، فكم زاوية للنظر يمكن أن ننظر منها إلى هذا الديوان؟ (1)
هناك الزاوية التي ينظر منها الناقد إلى الديوان المنقود، نظرة يحاول بها أن ينفذ ببصره خلال الشعر الذي يقرؤه إلى «نفس» الشاعر الذي أنشأ الديوان ما طبيعتها؟ أهي نفس مرحة متفائلة؟ أم هي مكتئبة متشائمة؟ أم هي كيت؟ فالناقد في هذه الوقفة يتخذ الشعر «وسيلة» لغاية يهتم بها، وليس الشعر هنا غاية في ذاته بل هو عند ناقد من هذا الطراز وسيلة للكشف عن نفسية صاحبه، وبعبارة أجلى وأوضح، المهم عند الناقد هنا هو «علم النفس» لا «الشعر»، ومن أمثلة ذلك وقفة العقاد في كتابه «ابن الرومي من شعره» ... وقد تسمى هذا الاتجاه في نقد الأدب والفن بالاتجاه «النفسي»، ويمكن أن نقول إن «فرويد» وهو يقرأ مسرحية «أوديب» لسوفكليس كان ناقدا أدبيا من هذا الطراز. (2)
وهناك زاوية أخرى للنظر إلى الديوان المفقود، وهي شبيهة بالزاوية الأولى في كون الناقد يتخذ من الشعر الذي بين يديه «وسيلة» لغاية تثير اهتمامه في المقام الأول، وكل الفرق بين الرؤيتين أنه بينما الناقد في الحالة الأولى يبحث من خلال الشعر عن «نفسية» الشاعر، نرى النقد في الحالة الثانية يبحث خلال الشعر عن «الحالة الاجتماعية»، التي كانت تحيط بذلك الشاعر، فكأنما شعر الشاعر هنا هو بمثابة وثيقة تاريخية لصورة من صور الحياة الاجتماعية، ويمكن اعتبار كتاب طه حسين عن المتنبي مثلا لهذا الاتجاه الاجتماعي في النقد. (3)
وهناك، ثالثا، زاوية أخرى للنظر يبحث الناقد منها لا عن «نفسية» الشاعر ولا عن «الحالة الاجتماعية» التي أحاطت به، بل يبحث في نفسه هو - نفس الناقد - عن وقع هذا الشعر فيها، فماذا ترك في جوانحه من أثر؟ هل خرج من قراءة الديوان وهو على وعي بالغايات العليا التي استهدفها الكون؟ هل خرج من قراءته راضيا عن نفسه أو ساخطا عليها، ثم يسطر الناقد وصفا لطوية نفسه، والأغلب أن يجيء هذا الوصف وكأنه في ذاته «أدب» بني على أدب، ويمكن تسمية هذا الاتجاه في النقد «بالاتجاه التأثري» ...
117 (4)
هناك وقفة أخيرة، وربما تسبق منطقيا، جميع المواقف السابقة، فقبل أن يقف الناقد من الشعر المنقود وقفة نفسية أو اجتماعية أو تأثرية، كان عليه أولا أن يتأكد أن الذي بين يديه «شعر» يستحق المعالجة بهذا الطريقة أو تلك؛ ومن هنا فإن الناقد عليه - في رأي مفكرنا، وتلك هي وجهة نظره في النقد - أن يفحص الشعر نفسه؛ أي إن ينصب النقد الأدبي على الأثر الأدبي ذاته أو منحصرا في النص ذاته؛ فأمام الناقد ترقيم على صفحات من كتاب ومهمته أن يحلل هذه التشكيلات اللفظية التي انتشرت أمامه على صفحات الكتاب؛ أي النص ولا شيء غير النص، فالكلمات المرقومة على الصفحات هي موضوع النقد، وتحليلها وتشريحها وفحصها من جميع وجوهها هو مهمة الناقد بالأثر الأدبي، لا ينبغي أن يعتمد في فهمه على شيء وسواه «إنني لا أكون ناقدا أدبيا بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة، إذا ما اتخذت الأثر الأدبي نافذة أنظر من خلالها إلى شيء سواها؛ كأن أنظر إلى البيئة والظروف الاجتماعية والسياسية التي هي قائمة وراء الأثر المدروس؛ إذ لو فعلت لكانت القطعة الأدبية التي أمامي بمثابة الوثيقة التاريخية لا أكثر ولا أقل، ولا أجعل من الأثر الأولي نافذة أنظر منها إلى دخيلة نفسه، أو دخيلة نفس الناقد؛ إذ لو فعلت لكنت أشبه بعالم النفس يحلل لمريضه أحلامه وردود أفعاله وخواطره ومشاعره ... الناقد لا هو عالم اجتماع ولا سياسة ولا عالم نفس ولا طبيعة؛ وإنما هو ناقد أدبي غايته دراسة قطعة أدبية يختارها للدراسة.»
अज्ञात पृष्ठ