167

الحجاج الواردين ، ومن انتسب إلى الخير من الفقراء العابدين ، فإنهم يبالغون في إكرامهم ، ولا يألون جهدا في أفضالهم عليهم وأنعامهم ، ولهذه المدينة بابان باب إلى البر وباب إلى البحر لأن البحر يحيط بكثير من جهاتها والحصن الذي فيه الأمير متصل بالمدينة من ناحية باب البر بينه وبين البحر ولأمير هذه المدينة نكاية للعدو دمرهم الله ولو مراكب قل نظيرها معدة للجهاد في البحر فلما تسافر وترجع بلا غنيمة وفلما أسرت لهم سفينة إلا أن تكون من سفن التجارة لا من سفن الجهاد فجزاهم الله خيرا وأعانهم على ما أولاهم من ذلك وسائر بلاد المسلمين أجمعين.

قال وكان عادة الركب إذا نزل هذه المدينة لا سيما في الذهاب أن يقيموا بها نحوا من شهر يستعدون فيها لدخول المفازة التي قل نظيرها وهي مفازة برقة ومن هذه المدينة يشتري الحجاج ما يحتاجون من الإبل والقرب الخ ما حاصل معناه أن الركب كان يمشي مشيا رويدا لأن مقصودهم الحج والشوق لتك الأماكن ويشفقون على الضعيف فالآن والعياذ بالله صارت حالة الركب تجارة فمسيرة شهرين صارت أربعين يوما غبطة لحصول الحوايج الدنيوية حتى انقطعت الصعاليك عن المشي أنا لله وأنا إليه راجعون.

وأما الإبل فأبل هذه البلدة أجود من غيرها لأنها ألفت العمل والخدمة الكثيرة وأنهم يستعملونها في كبير الأعمال حتى الحراثة والدراسة والرحي فتمرنت بذلك على المشاق العظيمة مع طبيب هواء البلد وقد قيل إن هواء الدنيا كلها في هواء هذه البلدة مع صفاء مرعاها فيقل حينئذ فيها الغش وتندر أمراضها وقد قيل للحجاج عليكم بجمال طرابلسية وقربة مصرية لأن قرب هذا البلد ردية الدباغ وماؤها خبيث المساغ ومع ذلك لا تمسك الماء إلا كما يمسكه الغربال ومع ذلك يحتاج صاحبها إلى كثير منها بل قد تؤديه إلى العطب والتلف في بعض المفاوز لكونها تضيع الماء

पृष्ठ 184