* الباب السابع
* في رجوعنا إلى مدينة بريش ،
* وما اتفق لنا فيها
ولما رأيت أن براوات (84) السلطان ما قضيت بها شيئا ، وأن كثيرا من الحوايج من إحدى سفننا كانت منزلة آمنة ، ولينا إلى بريش نطلب أمر السلطان أن يدفعوا لنا حوايجنا ، وولى أيضا قاضي الأندلس إلى بريش ، ومشيت يوما إلى داره قبل غروب الشمس نطلب منه بعد المواجب. قال القاضي : أتحب أن تتعشى عندنا؟ قلت : لا يجوز لي بعض طعامكم ، قال : ما نعطيك إلا ما يجوز في دينكم ، وعندنا ضيف من أكابر المملكة ، ونحب أن تكون عندنا ، وكانت ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، من عام إحدى وعشرين وألف وفهمت منه أنه أحب الكلام في الأديان ليشرح للضيف ، لأن كبراء الفرنج يفرحون بالمسائل الغريبة. فدخلت معه ، وأعطوني كرسيا مثل كراسيهم ، والمايدة بيننا ، وحماة القاضي قاعدة ، وكانت مولة (85) بلد يسمى ألطر ، وابنها قاضي ، وأخوها قاضي ، أيضا الرجل الكبير الشأن قاعد مع الجميع ، وقالوا للضيف : هذا رجل تركي ، لأن الفرنج لا يقولون للمسلم إلا تركي ، وذكروا له السبب الذي ألجأني للقدوم إلى بلادهم وغير ذلك مما ظهر لهم ، والمرأة ترفد (86) من الطعام وتضعه قدامي ، وأيضا أخوها وابنها. فالقاضي ابتدأ بالكلام ، أعني قاضي الأندلس ، وقال لي : هل عندكم صيام في دينكم فرض؟ قلت له : عندنا شهر قمري في العام ، قال لي : كيف هو صيامكم؟ قلت له : نمسك عن الأكل والشرب من انشقاق الفجر إلى غروب الشمس ، قال : نحن عندنا صيام فرض في كل سنة أكثر من صيامكم ، وهو تسع وأربعون يوما متوالية ، قلت له : كيف هو صيامكم؟ وأنا عارف به ، قال : نأكل
पृष्ठ 65