واستجرت في ذلك برديفه وصديقه، الوزير مسعود بن رحو بن ماساي، ودخلت عليه يوم الفطر، سنة ثلاث وستين. فأنشدته:
هنيئًا بصوم لا عداه قبول ... وبشرى بعيد أنت فيه منيل
وهنئتها من عزةٍ وسعادةٍ ... تتابع أعوام بها وفصول
سقى الله دهرًا أنت إنسان عينه ... ولا مس ربعًا في حمال محول
فعصرك ما بين الليالي مواسم ... لها غرر وضاحة وحجول
وجانبك المأمول للجود مشرع ... يحوم عليه عالم وجهول
عساك، وإن ضن الزمان منولي ... فرسم الأماني من سواك محيل
أجرني فليس الدهر لي بمسالم ... إذا لم يكن لي في ذراك مقيل
وأولني الحسنى بما أنا آمل ... فمثلك يولي راجيًا وينيل
ووالله ما رمت الترحل عن قلى ... ولا سخطة للعيش فهو جزيل
ولا رغبة عن هذه الدار إنها ... لظل على هذا الأنام ظليل
ولكن نأى بالشعب عني حبائب ... شجاهن خطب للفراق طويل
يهيج بهن الوجد أني نازح ... وأن فؤادي حيث هن حلول
عزيز عليهن الذي قد لقيته ... وأن اغترابي في البلاد يطول
توارت بأنبائي البقاع كأنني ... تخطفت أو غالت ركابي غول
ذكرتك يا مغنى الأحبة والهوى ... فطارت بقلبي أنة وعويل
وحببت عن سوق رباك كأنما ... يمثل لي نؤي بها وطلول
أأحبابنا والعهد بيني وبينكم ... كريم وما عهد الكريم يحول
إذا أنا لم ترض الحمول مدامعي ... فلا قربتني للقاء حمول
إلام مقامي حيث لم ترد العلى ... مرادي ولم تعط القياد ذلول
أجاذب فضل العمر يومًا وليلةً ... وساء صباح بينها وأصيل
ويذهب بي ما بين يأس ومطمع ... زمان بنيل المعلوات بخيل
تعللني عنه أمان خوادع ... ويؤنسني ليان منه مطول
أما لليالي لا ترد خطوبها ... ويؤنسني ليان منه مطول
1 / 81