रिफाका तहतावी
رفاعة الطهطاوي: زعيم النهضة الفكرية في عصر محمد علي
शैलियों
l’Esprit des lois » ومؤلفه شهير بين الفرنساوية يقال له: «منتسكوا
Montesquieu »، وهو أشبه بميزان بين المذاهب الشرعية والسياسية، ومبني على التحسين والتقبيح العقليين، ويلقب عندهم بابن خلدون الإفرنجي، كما أن ابن خلدون يقال له عندهم أيضا منتسكو الشرق أي منتسكو الإسلام. وقرأت أيضا في هذا المعنى كتابا يسمى «عقد التآنس والاجتماع الإنساني
Le Contrat Social »، مؤلفه يقال له: «روسو»، وهو عظيم في معناه. وقرأت في الفلسفة تاريخ الفلاسفة المتقدم المشتمل على مذاهبهم وعقائدهم وحكمهم ومواعظهم. وقرأت عدة محال نفيسة في معجم الفلسفة للخواجة «ولتير»، وعدة محال في كتب فلسفة «قندلياق». وقرأت في فن الطبيعة رسالة صغيرة مع مسيو «شواليه» من غير تعرض للعمليات. وقرأت في فن العسكرية من كتاب يسمى «عمليات كبار الضباط» مع مسيو «شواليه» مائة صفحة، وترجمتها. وقرأت كثيرا في «كازيطات» العلوم اليومية والشهرية التي تذكر كل يوم ما يصل خبره من الأخبار الداخلية والخارجية المسماة «البوليتيقة». وكنت متولعا بها غاية التولع، وبها استعنت على فهم اللغة الفرنساوية. وربما كنت أترجم منها مسائل علمية وسياسية خصوصا وقت حرابة الدولة العثمانية مع الدولة الموسقوبية.»
هذه هي العلوم التي درسها رفاعة، والكتب التي قرأها، وهي تدل - كما سبق أن ذكرنا - على أنه ثقف ثقافة موسوعية. وقد كان لا بد له أن يتثقف هذه الثقافة ما دام قد بعث للتخصص في الترجمة؛ حتى إذا طلب له بعد عودته أن يترجم في أي علم من العلوم لبى الطلب ونفذ الأمر. وهذا ما حدث مثلا، فإنه عين بعد عودته مترجما بمدرسة الطب، ثم نقل مترجما بمكتب طرة الحربي. ولما أنشئت الألسن كان يشرف على أعمال خريجيها الذين ترجموا كتبا في كل هذه العلوم والفنون.
قضى رفاعة سنة في باريس، ثم عقد له ولزملائه امتحان في نهاية هذه السنة، فنجح رفاعة بتفوق، وأرسل إليه مسيو «جومار» مدير البعثة جائزة التفوق، وهي كتاب «رحلة أنخرسيس في بلاد اليونان» وهو «سبعة مجلدات جيدة التجليد مموهة بالذهب»، وأرسل إليه مع الجائزة خطابا تاريخه أول أغسطس سنة 1827م كله تشجيع وتقدير لما بذل رفاعة من جهد ولما نال من نجاح. جاء فيه: «قد استحقيت هدية اللغة الفرنساوية بالتقدم الذي حصلته فيها، وبالثمرة التي نلتها في الامتحان العام الأخير. ولقد حق لي أن أهنئ نفسي بإرسالي لك هذه الهدية من الأفندية النظار دليلا على التفاتك في التعليم. ولا شك أن ولي النعمة يسر متى أخبر أن اجتهادك وثمرة تعليمك يكافآن المصاريف العظيمة التي يصرفها عليك في تربيتك وتعليمك. وعليك مني السلام مصحوبا بالمودة ...»
وبعد عام آخر عقد امتحان ثان فوفق فيه كما وفق في سابقه، وكانت جائزته في هذه المرة كتابين من تأليف المستشرق الفرنسي «دي ساسي»، وهما: «الأنيس المفيد للطالب المستفيد» و«جامع الشذور من منظوم ومنثور».
وفي باريس اتصل الشيخ رفاعة بكبار المستشرقين الفرنسيين، وخاصة المسيو «سلفستر دي ساسي» والمسيو «كوسان دي برسيڨال» ونشأت بينه وبين هذين العالمين صداقة متينة، وكان كل منهما يقدر جهد الشيخ التلميذ وعلمه، وقد تبودلت بينه وبينهم كثير من الرسائل أثبت بعضها رفاعة في رحلته، وقد أطلعهما قبيل سفره على مخطوطة رحلته فأعجبا بها وكتبا عنها تقريظا، وأرسل كل منهما للمسيو جومار بصفته مدير البعثة خطابا كله ثناء وتقريظ لرفاعة وكتابه. قال دي ساسي: «إن مسيو رفاعة أحسن صرف زمنه مدة إقامته في فرنسا، وإنه اكتسب فيها معارف عظيمة وتمكن منها كل التمكن حتى تأهل لأن يكون نافعا في بلاده. وقد شهدت له بذلك عن طيب نفس، وله عندي منزلة عظيمة ومحبة جسيمة ...» وقال دي برسيڨال: «إن هذا التأليف «الرحلة» يستحق كثيرا من المدح، وإنه مصنوع على وجه يكون به نفع عظيم لأهالي بلد المؤلف؛ فإنه أهدى لهم نبذات صحيحة من فنون فرنسا وعوائدها وأخلاق أهلها وسياسة دولتها. ولما رأى أن وطنه أدنى من بلاد أوروبا في العلوم البشرية والفنون النافعة، أظهر التأسف على ذلك، وأراد أن يوقظ بكتابه أهل الإسلام، ويدخل عندهم الرغبة في المعارف المفيدة، ويولد عندهم محبة تعلم التمدن الإفرنجي والترقي في صنايع المعاش. وما تكلم عليه من المباني السلطانية والتعليمات وغيرها، أراد أن يذكر به لأهالي بلده أنه ينبغي لهم تقليد ذلك. وما نظر فيه في بعض العبارات يدل في الغالب على سلامة عقله وخلوه من التعسف والتحامل. وعبارة هذا الكتاب بسيطة، أي غير متكلف فيها التنميق، ومع ذلك فهي لطيفة ... إلخ.»
وبعد خمس سنوات عقد لرفاعة الامتحان النهائي، فجمع المسيو «جومار» «مجلسا فيه عدة أناس مشاهير، ومن جملتهم وزير التعليمات الموسقوبي رئيس الامتحان.» يقول رفاعة: «وكان القصد بهذا المجلس معرفة قوة الفقير في صناعة الترجمة التي اشتغلت بها مدة مكثي في فرنسا ...»
وتقدم رفاعة إلى لجنة الامتحان بخلاصة مجهوداته في الترجمة طوال هذه السنوات الخمس، وهي اثنتا عشرة رسالة ترجمها عن الفرنسية إلى العربية، وهذا بيانها: (1)
نبذة في تاريخ إسكندر الأكبر مأخوذة من تاريخ القدماء. (2)
अज्ञात पृष्ठ