اعْلَمُوا أَنَّكُمْ فِي مِثْلِ الإِكْلِيلِ مِنْ مُضَرَ، وَأَقْرَبُ الْقَوْمِ إِلَيْكُمْ [١] أَسَدٌ وَغَطَفَانُ، وَقَدْ كُنْتُمْ شُجْعَانَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ بَرِئَ اللَّهُ مِنْهُمْ لِرُجُوعِهِمْ عَنْ دِينِ الإِسْلامِ، وَمَنْعِهِمُ الزَّكَاةِ، وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﵌، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يُوَجِّهَ إِلَيْهِمْ بِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ [٢] فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَكُونُوا سَيْفَهُ الْقَاطِعَ، وَرُمْحَهُ النَّافِذَ، وَسَهْمَهُ الصَّائِبَ) .
فَأَجَابَتْهُ قَبَائِلُ طَيِّءٍ إِلَى جَمِيعِ مَا أَحَبَّ، فَأَنْشَدَ زَيْدُ الْخَيْلِ يَقُولُ [٣]:
(مِنَ الطَّوِيلِ)
١- أَبَى اللَّهُ مَا تَخْشِينَ [٤] أُخْتَ بَنِي نَصْرٍ ... فَقَدْ قَامَ بِالأَمْرِ الْجَلِيِّ أَبُو بَكْرِ
٢- نَجِيُّ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْغَارِ وَحْدَهُ [٥] ... وَصَاحِبُهُ الصِّدِّيقُ فِي مُعْظَمِ الأَمْرِ
٣- أُمَامَةُ إِنَّ الْقَوْمَ عُمُّوا بِفِتْنَةٍ ... تَكُونُ عليهم مثل راغية البكر [٦]
_________
[()] الشعر والشعراء ص ٩٥، حسن الصحابة ص ٢٨٤، الإصابة ٢/ ٦٢٢- ٦٢٤ الأعلام ٣/ ٦١) .
[١] (إليكم): خرجة من فوق السطر.
[٢] خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي، سيف الله القرشي، كان من أشراف قريش في الجاهلية وشهد مع مشركيهم حروب الإسلام، وأسلم قبل فتح مكة هو وعمرو بن العاص سنة ٧ هـ- فسر بهما رسول الله ﵌، وولّاه الخيل، وجهه أبو بكر لقتال مسيلمة ومن ارتد من أعراب نجد، ثم سيّره إلى العراق سنة ١٢ هـ- ففتح الحيرة ثم إلى الشام وجعله أمير من فيها من الأمراء، ثم لما تولى عمر بن الخطاب عزله وولى أبا عبيدة بن الجراح، فقاتل بين يدي أبي عبيدة إلى أن تم لهما الفتح سنة ١٤ هـ-، فرحل إلى المدينة ومات بها، وقيل بحمص في الشام سنة ٢١ هـ-.
(الإصابة ٢/ ٢٥١- ٢٥٦، الاستيعاب ٢/ ٤٢٧- ٤٣١، صفة الصفوة ١/ ٢٦٨، تاريخ الخميس ٢/ ٢٤٧، ذيل المذيل ص ٤٣، تهذيب ابن عساكر ٥/ ٩٢- ١١٤، الأعلام ٢/ ٣٠٠) .
[٣] البيتان: ١، ٢ في تاريخ دمشق ٦/ ٣٦، والإصابة ٢/ ٦٢٤.
[٤] في الأصل: (أن تخشين) وفيه لحن.
الإصابة: (أمام أما تخشين بنت أبي نصر) .
[٥] يستفيد الشاعر من قوله تعالى: إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما في الْغارِ ٩: ٤٠ [التوبة: ٤٠] .
[٦] راغية البكر: كناية عن الذل، ومنه حديث أبي رجاء: (لا يكون الرجل متقيا حتى يكون
1 / 65