रिचर्ड फेनमैन: उनका विज्ञान में जीवन
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
शैलियों
أعتقد أن عقل فاينمان، بعد المجهود المكثف الذي بذله بين عامي 1946 و1950 في مغالبة الديناميكا الكهربائية الكمية، أراد الانتقال إلى مضمار آخر، ليس من حيث الموضوع فحسب وإنما من حيث الأسلوب أيضا. ولما كان يعاني الاضطراب العاطفي والتعاسة، والتوق للمغامرة، أراد فاينمان الفرار من قيود إيثاكا الكئيبة ذات المناخ الشتوي، وربما من العديد من العلاقات الجنسية المتشابكة التي تورط فيها. أومأت إليه كاليفورنيا المشمسة تدعوه إليها، غير أن أمريكا الجنوبية بدت أكثر إغواء.
مثل العديد من القرارات المهمة في حياته، اشتمل هذا القرار على قدر من موهبة اكتشاف الأشياء الطيبة بالصدفة. كان أحد زملائه القدامى في لوس ألاموس، وهو روبرت باشر، بصدد الانتقال إلى باسادينا لإعادة بناء برنامج للفيزياء كان خامدا في كالتك، وعلى الفور قفز إلى ذهنه اسم فاينمان. وقد اتصل به في الوقت المناسب. ووافق الرجل الذي رفض من قبل عروضا من برينستون، وجامعة شيكاجو، وبيركلي، ومجموعة متنوعة من المعاهد الأخرى، على زيارة باسادينا. وفي الوقت نفسه، كان خيال فاينمان يجنح إلى ما هو أبعد. كان قد قرر، لسبب ما، زيارة أمريكا الجنوبية، وبدأ بالفعل في تعلم اللغة الإسبانية عندما دعاه فيزيائي برازيلي زائر لزيارة البرازيل خلال صيف عام 1949. قبل فاينمان الدعوة بسرعة، وحصل على جواز السفر، وتحول نحو تعلم البرتغالية.
ألقى فاينمان محاضرات في الفيزياء في المركز البرازيلي لأبحاث الفيزياء بريو دي جانيرو ثم عاد إلى إيثاكا في الخريف، وقد صار أكثر معرفة باللغة البرتغالية وبأساليب البرازيليين، بفضل إحدى جميلات شاطئ «كوباكابانا»، تسمى كلوتايلد، التي تمكن من إقناعها بمصاحبته إلى الولايات المتحدة فترة وجيزة. بعد ذلك أقنعه الشتاء في إيثاكا بضرورة مغادرتها، كما أن كالتك، علاوة على أن طقسها أفضل، كانت تتمتع بالجاذبية لعدم كونها جامعة فنون حرة مثل كورنيل، التي قال في شأنها: «لا يوازي حجم التوسع النظري الناتج عن وجود العديد من مواد الإنسانيات التي تدرس بالجامعة سوى البلاهة المتفشية فيمن يدرسون تلك الأشياء.» قبل فاينمان العرض المقدم من كالتك وتفاوض على اتفاق يمنحه أفضل ما في جميع العوالم المتاحة. أمكنه الحصول فورا على إجازة لمدة عام والعودة مرة أخرى إلى محبوبته البرازيل، حيث يمكنه أن يظل على اتصال دائم بعلم الفيزياء في الوقت الذي يسبح فيه على شاطئ كوباكابانا ويمارس نزواته بالليل، مع حصوله على كافة مستحقاته من كالتك وبدعم من وزارة الخارجية الأمريكية.
كان اهتمامه الأول منصبا خلال تلك الفترة على الميزونات المكتشفة حديثا، والتشوش الذي أحدثته في علم الفيزياء النووية. وكان يستخدم محطة إذاعة لاسلكية بسيطة إلى جانب الخطابات للاتصال بزملائه في الولايات المتحدة، ليطرح عليهم تساؤلاته أو يقدم لهم نصائحه. وقد وبخه فيرمي ذات مرة قائلا: «كنت أتمنى لو أستطيع أنا أيضا أن أجدد أفكاري بالسباحة على شاطئ كوباكابانا.»
غير أن فاينمان في الوقت نفسه تعامل بجدية مع رسالته التي آمن بها وهي المساعدة في تجديد شباب علم الفيزياء في البرازيل. وأخذ يقدم دورات تعليمية بالمركز البرازيلي لأبحاث الفيزياء، وانتقد مسئولي التعليم البرازيليين لأنهم يعلمون الطلاب حفظ الأسماء والمعادلات عن ظهر قلب ولا يعلمونهم كيف يفكرون فيما يفعلونه. وتذمر من أنهم يتعلمون كيف يشرحون معاني الكلمات بكلمات أخرى، لكنهم في الواقع لا يفهمون شيئا وليس لديهم حس بالظواهر الفعلية التي يفترض أنهم يدرسونها. من منظور فاينمان، كان الفهم يعني أن يكون المرء قادرا على تطبيق ما يعرفه على مواقف جديدة.
لكن على الرغم من ذكاء فاينمان الكبير، فإن عزلته في البرازيل حرمته من متابعة ما يحدث عند الجبهة الأمامية لذلك المضمار في تلك الفترة. لقد تمكن مستقلا من تكرار النتائج التي اشتقت بالفعل، غير أنه لم يدفع عجلة مجال فيزياء الجسيمات الناشئ للأمام. وبدلا من ذلك، مر بمرحلة صحوة ثقافية، وحضر مهرجانا جنسيا.
أولا: الموسيقى. زعم فاينمان أنه كان أصم لا يميز بين النغمات، غير أنه ما من شك أنه ولد يهوى الإيقاع. كان جميع المقربين منه يعلمون أنه كان دائم النقر بأصابعه وكأنه يدق الطبل أثناء العمل، على الورق، وفوق الجدران، وعلى أي شيء ملائم. وفي ريو، عثر على الموسيقى المثالية لنوازعه النفسية؛ السامبا، موسيقى ساخنة إيقاعية ومزيج بسيط يجمع بين التقاليد اللاتينية والأفريقية. التحق بمدرسة لتعليم السامبا وبدأ في العزف على الطبول ضمن فرق السامبا. بل إنه تقاضي أجرا مقابل مجهوداته في بعض الأحيان! وكانت ذروة نشاطه أثناء الكرنفال السنوي، وهو مهرجان فسق يقام في الشوارع، وكان يمكنه فيه ممارسة الانحلال بإفراط، وهو ما فعله بالطبع. (بالمصادفة البحتة أكتب هذه الكلمات وأنا أحدق من نافذة فندق يطل على شاطئ كوباكابانا.)
من السهل أن نتفهم افتتان فاينمان بريو. فالمدينة جميلة بصورة تخلب الألباب، يحيط بها جبل رائع المنظر ومشهد المحيط، وهي مفعمة بالحيوية بمحافل الكاريوكا في ريو، وهم سكان محليون منشغلون بإقامة الحفلات الصاخبة والمشاحنات ولعب كرة القدم والمغازلة على الشاطئ. كانت جميع الأنشطة الإنسانية حاضرة في أغلب الأوقات. والمدينة رديئة السمعة، مبتذلة، جذابة، حادة، مخيفة، وبشوشة، ومسترخية في آن واحد. هناك كان فاينمان يفر من حصار المدينة الجامعية، حيث لا يمكن للمرء مطلقا الابتعاد تماما عن الزملاء والطلبة. وعلاوة على هذا فإن البرازيليين يتمتعون بالدفء، والبشاشة، ويتقبلون الآخرين. وتمكن فاينمان من الامتزاج بهم. ولا بد أن حماسه الشديد، الذي لا يخبو أبدا، قد لاقى صدى لدى جميع من حوله من علماء الفيزياء، وسكان الكاريوكا المحليين، والنساء بالطبع.
أقام فاينمان في فندق ميرامار بالاس المطل على شاطئ كوباكابانا ، حيث انغمس في الملذات التي يستمتع بها من شرب الخمر (الذي أفرط فيه إلى حد أرعبه وجعله يقسم على أن يقلع عن الخمور نهائيا) والجنس. كان يلتقط النساء من الشاطئ ومن الأندية ومن حانة الفندق، التي كان قربها من أنشطة كوباكابانا، ولا يزال، داعيا للإدمان. ظل لفترة متخصصا في الساقيات اللواتي يقمن بالفندق، وحسبما أوضح مرارا وتكرارا على نحو شهير، فقد كان يستمتع بالنساء المحليات اللواتي كان يلتقيهن في الحانات. وقد أقنع واحدة منهن ذات مرة ليس فقط بالنوم معه، وإنما بأن ترد له أيضا قيمة ما اشتراه لها من طعام في الحانة.
ولكن كما يحدث غالبا، فإن هذه الممارسات الجنسية مع نساء مجهولات - مع أنها أمر مسل - زادت وحسب من شعوره بالوحدة والعزلة، وربما لهذا السبب أقدم على تصرف سخيف بعيد عن شخصيته كل البعد. لقد طلب يد امرأة من إيثاكا كان يعرفها ويواعدها في خطاب أرسله إليها؛ امرأة شديدة الاختلاف عن الباقيات، وشديدة الاختلاف عنه هو نفسه، ولعله أقنع نفسه حينها بأنها تمثل المكمل المثالي له.
अज्ञात पृष्ठ